ماذا حصل لمصادر دخل الملكة البريطانية بسبب كورونا ؟
لندن ــ الرأي الجديد (مواقع)
لم يكتف فيروس “كورونا” بالنيل من حرية الملكة إليزابيث الثانية، وتقييد حركتها وإلزامها عزلة دامت لأشهر في قلعة وندسور، بل نال حتى من خزينتها، فقد تسبب في تكبد “التاج البريطاني” لخسائر بعشرات الملايين من الدولارات، في وضع غير مسبوق تعيشه العائلة الحاكمة الأعرق في العالم.
وسيكون على الملكة ومحيطها نهج القليل من “التقشف”، بعد أن كشفت آخر الأرقام الصادرة عن خزينة الملكة، أن الأخيرة فقدت 44.5 مليون دولار منذ تفشي الوباء، وذلك بسبب تراجع المداخيل السياحية لقصور الملكة، التي تعتبر من أهم المزارات السياحية في البلاد.
وحسب توقعات خزينة الملكة، فإن الأخيرة سوف تفقد 6.5 ملايين دولار سنويا على امتداد 3 سنوات قادمة، بسبب تراجع الزيارات لقصر باكنغهام، ولإقامات ملكية أخرى، ومع ذلك بعث مسؤولو الحسابات الملكية برسائل طمأنة للرأي العام، بأن الملكة لن تطلب أي دعم مالي إضافي من الحكومة، وستعتمد على ما لديها من مداخيل.
وحتى لا يعتقد البعض أن الملكة ستمر بأزمة مالية جراء جائحة كورونا، فمداخيل التاج البريطاني تجعل من الأسرة المالكة من بين الأغنى في العالم، بتعدد مصادر الدخل التي ترد على الملكة، والتي تجعل خزينتها منيعة أمام أي هزات أو أزمات، فما هي هذه المصادر؟
الدعم السيادي
تقدر مجلة “فوربس” (Forbes) ثروة الملكة إليزابيث الثانية بحوالي 530 مليون دولار، لكن في المقابل فإن العائلة الملكية البريطانية تعتبر علامة تجارية عالمية، وعنصرا مهما من عناصر القوة الناعمة للمملكة المتحدة، مما يجعلها قادرة على جذب الملايين من السياح، وبفضل شعبيتها تدر العائلة الملكية ما مجموعه مليارا دولار على خزينة الدولة، هي عبارة عن عائدات سياحية.
في المقابل، تحصل الملكة على دعم من أموال دافعي الضرائب تحت بند “الدعم الملكي”، والذي يبلغ سنويا 110 ملايين دولار، وهو ما يعادل نحو 0,65 جنيه إسترليني كمساهمة من كل مواطن في بريطانيا.
وتمنح خزينة الدولة هذا المبلغ السنوي للملكة لتغطية نفقاتها في أداء مهامها الرسمية، والرحلات الخارجية، وحفلات الاستقبال الرسمية، وكذلك نفقات الإقامات الملكية.
وللتدقيق أكثر في بند “الدعم الملكي”، فإنه يأتي أساسا من تخصيص نسبة 25% من عائدات ما يسمى “عقارات التاج”، وهي الأراضي والمباني والمزارع التي تعتبر ضمن أملاك الأسرة الملكية، ويتم استغلالها حاليا في أغراض تجارية أو سياحية، كما هو بالنسبة لمباني شارع أكسفورد في قلب العاصمة لندن، الذي يعتبر في ملكية الملكة، وهو شارع معروف بالنشاط التجاري.
ومع ذلك، فامتلاك هذه العقارات من طرف الملكة، يكون تحت بند “النيابة عن الشعب”، فلا يحق لأي فرد من العائلة المالكة أن يبيعها أو يتصرف فيها.
دوقية لانكستر
تعتبر دوقية لانكستر من أهم مصادر دخل الملكة، وهي عبارة عن محفظة تضم أراض خاصة، تتضمن مشاريع تجارية وفلاحية وتجمعات سكنية، وكلها في ملكية الملكة، ولهذه المنطقة التي تمتد على مساحة 18 ألف هكتار، تاريخ عريق يعود لسنة 1265، وتصل مداخيل هذه الدوقية إلى 26 مليون دولار، وورثت الملكة هذه المنطقة عن والدها.
وتعتمد الملكة على هذه المداخيل في تمويل نفقاتها الخاصة، إضافة لمنح جزء من هذه المداخيل لأفراد الأسرة الملكية، من أجل تغطية المهام التي يقومون بها باسم الملكة، سواء داخل البلاد أو خارجها.
دوقية كورنوال
تعتبر هذه الدوقية من الكيانات التابعة للملكة، وهي عبارة عن أصول وأراض شاسعة، ويستفيد من مداخليها الابن الأكبر للملكة الأمير تشارلز، وبها يساهم في الكثير من الأعمال الخيرية، وتغطي أيضا أنشطته الرسمية، إضافة لتمويل نفقات أبناء الأمير تشارلز، قبل أن يعلن الأمير هاري انسحابه من أداء أي مهمة ملكية، والتخلي عن أي دعم من المال العام، وتبلغ مداخيل هذه الدوقية سنويا حوالي 40 مليون دولار.
المقتنيات الثمينة
قد يعتقد البعض أن المجوهرات التي تتوفر لدى الملكة، وتظهر بها في المناسبات الرسمية، تجعلها من أغنى النساء في العالم، إلا أن هذه الكنوز من الجواهر والتاج البريطاني الشهير، تعد كنوزا وطنية، وهي جزء من المجموعة الملكية التي تحتفظ بها الملكة كأمانة نيابة عن الأمة.
وتتكون المقتنيات الثمينة للقصر من آلاف اللوحات الفنية، والمنسوجات والأثاث، والصور التي تؤثث القصور الملكية وخصوصا قصر باكنغهام.
لكن في المقابل، تتوفر لدى الملكة مجموعة من التحف النادرة، ومجموعة كبيرة من الطوابع الملكية التي ورثتها عن والدها جورج الخامس، إضافة لامتلاكها منزلا ريفيا بقيمة 65 مليون دولار، فضلا عن قصر “بالمورال” في أسكتلندا، والذي تقدر قيمته بحوالي 140 مليون دولار.
الملكة والضرائب
هل تدفع الملكة إلزابيث الضرائب؟ هذا السؤال الذي يطرحه كثير من البريطانيين، بالنظر للحساسية التي يتعامل بها المواطنون مع سلوك دفع الضرائب، والحقيقة أن الملكة كانت معفاة من دفع أي ضريبة حتى سنة 1992، بعد أن نشب حريق في إقامتها المفضلة في وندسور، حينها احتدم النقاش حول من سيتكلف بمصاريف إعادة ترميم القصر، هل الملكة أم خزينة الدولة.
قررت الملكة بعدها دفع الضريبة، وبهذا تكون أول من يقوم بذلك منذ سنة 1930، كما تقوم الملكة بدفع “رسوم اختيارية لمصلحة الضرائب البريطانية”، كتعويض عن الأرباح التي تحققها أصولها المالية، وكذلك عن أملاكها التي ورثتها عن والدها.
المصدر : الجزيرة