بين تهديدات حفتر… واستقالة السراج: إلى أين تتجه ليبيا ؟
طرابلس (ليبيا) ــ الرأي الجديد / تقرير
مع اقتراب انتهاء المهلة التي أعلنها رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، للإعلان عن استقالته من منصبه، نهاية الشهر الجاري، تتزايد المخاوف من انجراف البلاد إلى أتون حرب جديدة قبل وصول الأطراف المختلفة إلى مرحلة الجلوس حول طاولة موسعة، لإنتاج سلطة جديدة موحدة برعاية الأمم المتحدة.
وتطابقت معلومات مصادر ليبية، حول استضافة العاصمة المالطية للمنتدى السياسي الذي تجتهد البعثة الأممية للإعداد له، ليضم مختلف الأطياف والأطراف الليبية، من أجل الاتفاق على توحيد السلطة في البلاد، بعد انتهاء مسار توحيد المناصب السيادية فيلقاءات بوزنيقة، الأسبوع الماضي.
وأعادت بيانات وزارة الدفاع بحكومة الوفاق وتحذيراتها، من إمكانية خرق مليشيات اللواء خليفة حفتر، لوقف إطلاق النار في مناطق وسط البلاد، (أعادت) إلى الأذهان مشهد أفريل من العام الماضي، إذ هاجمت مليشيات حفتر طرابلس قبل أيام من عقد ملتقى ليبي جامع في مدينة غدامس، كانت الأمم المتحدة على وشك إطلاقه.
وأعلن وزير الدفاع بحكومة الوفاق صلاح النمروش، عن رفع جاهزية “عملية بركان الغضب”، استعداداً لهجوم “محتمل” لمليشيات حفتر، على مدن بني وليد وغريان وترهونة.
وذكرت وزارة الدفاع، بأنّ معلوماتها عن تحركات مليشيات حفتر، “معلومات استخباراتية دقيقة ومؤكدة”، حسب قولها.
تحركات حفتر للتشويش
وكشف مصدر عسكري ليبي رفيع، مقرب من قوات حكومة الوفاق، النقاب عن تحركات عسكرية حثيثة لمليشيات حفتر في أكثر من موقع في الجفرة، تمثلت في نقل مئات السيارات المسلحة إلى مواقع قريبة من منطقة الشويرف، الواقعة على الطريق الرابط بمدينة غريان (90 كيلومترا غرب طرابلس).
ووفق بعض المصادر العسكرية الحكومية، فإنّ التحركات الأخيرة، قوامها مقاتلون من حركات التمرد الأفريقية المرتزقة.
وفي السياق، حذر آمر سلاح المدفعية التابع لغرفة عمليات تحرير سرت – الجفرة بقوات حكومة الوفاق، فرج اخليل، من حرب وشيكة، وأن إحدى مدن غرب ليبيا ستتم السيطرة عليها من قبل مليشيات حفتر “قريباً”.
ويعلق الخبير العسكري الليبي محيي الدين زكري بالقول، إن “اللافت في الأنباء القادمة من جانب حفتر هو التحرك في منطقة الجفرة التي استبعدتها محادثات الغردقة الأمنية والعسكرية، الأسبوع قبل الماضي، وركزت على خلق منطقة منزوعة السلاح في سرت، ما أعطى هامشاً لإمكانية تحرك حفتر ومقاتليه”.
ويقلل زكري، في تصريح إعلامي، من نجاح مليشيات حفتر في استعادة مواقعها السابقة في غرب البلاد بسبب ارتباطها الأخير بمسارب ترابية وصحراوية مكشوفة بقاعدة الجفرة، ما يجعلها هدفاً سهلا لسلاح الجو، إلا أنه لا يقلل من تأثير أي تحشيد أو تحرك عسكري على مشاورات الحل السياسية أو في المسار العسكري.
ويرجح زكري بأن هدف حفتر من الحراك الحالي، هو التشويش فقط من خلال التحشيد أو التقدم لبضع كيلو مترات للضغط للحصول على مكاسب في المشهد الجديد المرتقب..
بين روسيا والأمم المتحدة
ولم تعلن البعثة الأممية، عن موعد إطلاق “المنتدى السياسي” الجامع لكل الأطراف الليبية في المسار السياسي حتى الآن، لكن مصادر ليبية تطابقت معلوماتها حول اختيار البعثة للعاصمة المالطية فاليتا، مكاناً لانعقاد المنتدى بتمثيل ليبي موسع لكل الأطياف، قد يصل إلى 90 شخصية ليبية.
ويستبعد الأطرش قيام حفتر بعملية عسكرية جديدة، تقوض الجهود الدولية والأممية الحالية، مشيراً إلى أن التحرك من قاعدة الجفرة، لن يتم من دون موافقة من روسيا التي باتت تميل أكثر إلى إنتاج حلول سياسية للأزمة الليبية، لكنها قد تختلف مع بعض الفاعلين في الملف الليبي كواشنطن.
وفي السياق ذاته، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن بلادها تدعم جهود الأمم المتحدة الحالية الهادفة إلى جمع كل الأطراف الليبية في منتدى للحوار السياسي.
وأوضحت الناطقة، في تصريحات صحافية، أن البعثة الأممية تحضر لمنتدى سياسي ليبي يُرجح أن تدعو إليه “مائة سياسي موثوق وشخصيات عامة من ثلاث مناطق تاريخية في البلاد، لإعداد اتفاقيات حول إنشاء سلطة انتقالية موحدة لليبيا”.
وأكدت أن “مفتاح نجاح اكتساب الزخم لعملية التسوية الشاملة في ليبيا، هو شمولها”، ولذا طالبت الأمم المتحدة بدعوة كل القوى السياسية والوطنية الليبية “بما في ذلك أنصار النظام السابق”.
ولا يزال المسار العسكري، المناط بــ “اللجنة العسكرية المشتركة 5+5″، يواجه عراقيل أمام وصوله إلى توافق بشأن خلق منطقة منزوعة السلاح في سرت، فيما لا تزال قوات الطرفين، حكومة الوفاق وقيادة حفتر، في مواقعها السابقة في تماس مباشر.
ثلاث سيناريوهات
وفيما يتعلق بسيناريوهات المستقبل القريب، قال الباحث السياسي الليبي، سعيد الجواشي، أنها لا تتعدى بعض الاحتمالات، منها استقالة السراج، وانتقال صلاحياته لنائبه أحمد معيتيق، إذا فشلت الأمم المتحدة في عقد المنتدى السياسي، وخلق سلطة جديدة موحدة، وهو سيناريو قد يقرب حفتر من أطماعه بشكل أكثر في المشهد المقبل، باعتبار اتفاقه المعلن مع معيتيق الأسابيع الماضية.
أما السيناريو الثاني، فيتمثل ــ في نظر الجواشي ــ في استمرار السراج في منصبه إلى حين اتفاق الأطراف الليبية على مجلس رئاسي جديد موحد، لافتاً إلى أن المجتمع الدولي قد لا يوافق على مغادرة السراج قبل سد الفراغ الذي قد يحدثه غيابه عن المشهد. وتابع ويكمن السيناريو الثالث، في نجاح الأمم المتحدة في تنفيذ المسار السياسي، من خلال المنتدى السياسي، وهو أمر قد يكون صعب المنال خلال الشهر الجاري”.
وختم الجواشي بالقول إن انتظام المنتدى في فاليتا أو غيرها، لن ينتهي إلى نتائج سريعة في ظل استمرار الخلافات الخارجية والداخلية، والغموض الذي يلف مسار أشغال البعثة الأممية.