بين “القصبة” و”قرطاج”: هل بدأت مرحلة “الابن العاق” ؟
تونس ــ الرأي الجديد / سندس عطية
أكد رئيس الحكومة، هشام المشيشي، أنه من الضروري “التفاعل مع رئاسة الجمهورية حسب ما يليق بها”،
بـ “الايجابية والسرعة المطلوبة”، على أن يقع التنسيق والإستشارة المسبقة مع رئاسة الحكومة، في كافة المجالات، وفق قوله.
وأضاف هشام المشيشي، خلال اجتماعه بأعضاء الحكومة، اليوم الأربعاء، أنه وبعد استشارة رئاسة الحكومة، يتمّ “إعلام رئاسة الجمهورية لاحقا بكلّ المسائل المثارة معها لملاءمة القرارات والاجراءات مع السياسة العامة للدولة”.
وقال المشيشي في فيدو نشرته رئاسة الحكومة على صفحتها الرسمية بموقع “فايسبوك” ” اهيب باعضاء الحكومة بضرورة التفاعل مع رئاسة الجمهورية وفق ما يليق بها بالايجابية وسرعة المطالبة على ان يتم التنسيق والاستشارة المسبقة مع رئاسة الحكومة ثم الاعلام لاجقا بكل المسائل المثارة معها لملائمة القرارات والاجراءات مع السياسة العامة للدولة في اطار التناغم بين المؤسسات الدستورية”.
وتابع: “وجب التأكيد على أن مخاطبة رئاسة الجمهورية، تتمّ حصريا مع رئاسة الحكومة”.
يذكر أن مصادر مطّلعة، أكدت لـ “الرأي الجديد”، أن العلاقة بين رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، ورئيس الحكومة، هشام المشيشي، “غير جيّدة”، منذ فترة، خصوصا وأنها شهدت مؤخرا تصريحات وصفها البعض بـ “الحربية”، صادرة عن قيس سعيّد حول مسألة الامتيازات الممنوحة مؤخرا للولاة، والتي اعتبرها خبراء القانون الدستوري، “مسألة لا تعني رئاسة الجمهورية ولا يمكن التدخّل فيها”، بل هي من مشمولات رئاسة الحكومة فقط.
وكانت رئاسة الحكومة، امتعضت من طريقة رئيس الجمهورية، عندما استدعى رئيس الحكومة، هشام المشيشي، وانتقده بخصوص تعيين مستشارين لديه وصفهم بالفساد، وبأنّ الدولة لا يمكن أن تستوعب من هم مورطون في قضايا فساد.. وهي الحادثة التي رفضها المشيشي، وقيل إنه طلب من رئاسة الجمهورية، عدم تصويره عندما يكون مع رئيس الجمهورية..
وتكررت منذ فترة محاولة، بل مسعى رئيس الجمهورية، الهيمنة على السلطة التنفيذية، بشكل “يبتلع” رئاسة الحكومة، التي تعدّ أكثر صلاحيات وأوسعها من رئاسة الجمهورية، وسط خشية من النخب والطبقة السياسية، من عودة النظام الرئاسوي الذي ثار عليه التونسيون خلال العام 2011..
ويبدو أنّ سلوك رئيس الجمهورية، سيتواصل خلال الفترة المقبلة، لأنّ الرجل غير مطمئنّ للنظام السياسي الذي جاء به إلى سدّة الرئاسة، ويحرص على افتكاك جميع السلطات بين يديه، من أجل أن تكون قراراته نافذة..
ووفق مراقبين، فإنّ ما قاله اليوم رئيس الحكومة، هشام المشيشي، لوزرائه، يعني شيئا واحدا، وهو حرص الرجل على عدم التفريط في صلاحياته، مستفيدا من الحزام السياسي والبرلماني الذي يقف إلى جانبه، بقيادة رئيس مجلس نواب الشعب.
والسؤال المطروح في هذا السياق، هو: هل بدأت مرحلة “الإبن العاقّ” في المشهد الحكومي الراهن؟ وإلى أي مدى يمكن أن يذهب رئيس الحكومة بعيدا في هذا التوجه، الذي لا شك أنه سيكلفه كثيرا على مستوى العلاقة مع قرطاج، سيما وأنّ رئيس الجمهورية، يبدو شديدا إزاء هذه المسائل، ولديه حساسية مفرطة إزاء كل من يحاول أن يشاركه السلطة، حتى وإن كان ذلك بمقتضى الدستور..