ما بعد إعلان السراج الاستقالة: ليبيا تدخل مفترق طرق صعب والمجتمع الدولي “على الخطّ”
طرابلس (ليبيا) ــ الرأي الجديد (مواقع)
بعد استقالة حكومة عبد الله الثني المؤقتة في الشرق الليبي، يبدو أن الدور جاء أيضًا على حكومة الوفاق الوطني التي تحكم سيطرتها على الغرب ومناطق واسعة من ليبيا، إذ أعلن رئيسها ورئيس المجلس الرئاسي الشرعي فائز السراج، نيته تسليم السلطة خلال أسابيع لحكومة متفق عليها، بعد التقدم الحاصل في الحوار بين الأطراف الليبية.
استقالة السراج المؤجّلة
أعلن السراج في كلمة متلفزة الأربعاء المنقضي، رغبته الصادقة في تسليم مهامه إلى السلطة التنفيذية القادمة، في موعد أقصاه نهاية أكتوبر المقبل، على أن تكون لجنة الحوار قد استكملت أعمالها، واختارت مجلسًا رئاسيًا جديدًا، وكلفت رئيس حكومة تُسلَم المهام له.
ويقصد السراج بالحوار، محادثات يستضيفها المغرب بين كل من المجلس الأعلى للدولة الليبي، ومجلس نواب طبرق (شرق)، الداعم لمليشيا الجنرال الانقلابي المتقاعد خليفة حفتر، ومحادثات جنيف القادمة.
ورحّب السراج في كلمته بما تم إعلانه من توصيات مبدئية عقب لقاءات المغرب، مؤكّدًا أن هذه المشاورات الأخيرة تتجه نحو مرحلة تمهيدية جديدة لتوحيد المؤسسات وتهيئة المناخ لعقد انتخابات برلمانية ورئاسية.
رغم قناعته بأن الانتخابات المباشرة أفضل الطرق للوصول إلى حل شامل، أكد السراج دعمه لأي تفاهمات أخرى، وفق قوله، ودعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي لجنة الحوار، وهي الجهة المنوط بها تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة إلى أن تضطلع بمسؤولياتها التاريخية في الإسراع بتشكيل هذه السلطة، “حتى نضمن جميعًا الانتقال السلمي والسلس للسلطة”.
الضغط على لجنة الحوار
ويبدو من خلال إعلان السراج، نيته في تقديم استقالته وتسليم مهامه إلى السلطة القادمة، في موعد أقصاه نهاية أكتوبر المقبل، سعيه للضغط على لجنة الحوار السياسي، وتحميلها مسؤولياتها للإسراع في تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، لضمان انتقال سلمي وسلس للسلطة.
ويسعى السراج ومن حوله، إلى الضغط على لجنة الحوار حتى تتفق على تشكيل مجلس رئاسي جديد في الأجل الذي حدده، كما أنه يضغط أيضًا على الأطراف الدولية الفاعلة في المشهد الليبي حتى تتوافق وتجد حلًا للأزمة في البلاد، فالفوضى الكبيرة لا تخدم مصالحهم.
وكانت جلسات الحوار الليبي بالمغرب أسفرت في ختامها، عن اتفاق شامل بشأن المعايير والآليات المتعلقة بتولي المناصب السيادية في المؤسسات الرقابية الليبية، على أن يستأنف الفرقاء لقاءاتهم في الأسبوع الأخير من سبتمبر/أيلول الحاليّ، لاستكمال الإجراءات اللازمة بشأن تفعيل الاتفاق وتنفيذه.
وبالتزامن مع اجتماعات بوزنيقة المغربية، استضافت مونترو بسويسرا على مدار يومين اجتماعًا تشاوريًا بين الأطراف الليبية بدعوة من مركز الحوار الإنساني وبرعاية الأمم المتحدة، من أجل الاتفاق على آلية لاختيار مجلس رئاسي جديد وحكومة وطنية وتعيين قادة المناصب السيادية في الدولة.
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، قد دعت في بيان لها، المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته ودعم عملية الحوار السياسي.
مخاوف من الاستقالة
ويخشى أن تؤدي استقالة السراج – إن تم تفعيلها – إلى ازدياد حدة الصراع في البلاد واستغلال بعض الأطراف المعادية للثورة لهذه الاستقالة، لتنفيذ أجنداتها في ليبيا، والدفع نحو مزيد من الفوضى والعنف في البلاد، ما يؤجل الوصول إلى حل للأزمة.
ويأمل الخبراء، مثل العديد من الليبيين، أن يتم التوصل إلى حل وتفاهم بين المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق في جلسات الحوار القادمة، بعيدًا عن المحاصصة والقبلية وقوة السلاح، حتى يعود الاستقرار إلى البلاد وتنتهي المرحلة الانتقالية التي طال أمدها.
يذكر أنّ فائز السراج، تقلّد منصب رئيس المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليًا، في ديسمبر 2015، بناء على اتفاق الصخيرات بالمغرب.
وخلال السنوات الخمسة الماضية، خاض معارك كبرى ضد المتمرد خليفة حفتر، الذي يسعى للسيطرة على الحكم بدعم من بعض القوى العربية والإقليمية المعادية لثورة الشعب الليبي.