أحمد صواب: قيس سعيّد ضرب “النهضة” وأضعفها.. وبات يمثل محكمة دستورية ورئيس حكومة ورئيس جمهورية
تونس ــ الرأي الجديد (متابعات)
أقرّ أحمد صواب، المحامي والقاضي السابق والناشط بالمجتمع المدني، بأنّ رئيس الجمهورية قيس سعيد، بات يمثل محكمة دستورية ورئيس حكومة ورئيس جمهورية في نفس الوقت.
جاء ذلك تعليقا على تكليف رئيس الجمهورية، هشام المشيشي، بتشكيل حكومة جديدة.
وقال صواب، “نحن اليوم أمام رئيس جمهورية يفرض مقاربة، تقوم على تأويل دستور الجمهورية الثانية، وممارسة الحكم بنظام حكم الجمهورية الأولى.. ونحن اليوم في المقاربة السياسية للجمهورية الأولى.
وأضاف: “منذ أيام، تحدّث سعيّد عن ملف ضائع في المحكمة (ملف قضية أنور معروف وزير النقل المقال)، وتدخل في ملفات تهم وزارة الداخلية، كما تدخل في كل الملفات تقريبا”، قائلا في هذا السياق: “هذا بعيد كثيرا عن صلاحياته”، معتبرا أن سعيّد “توسّع ووسع صلاحياته، ليُمثل محكمة دستورية، ورئيس حكومة، ورئيس جمهوريّة”، مشيرا إلى أنّ “في هذا خطر على روح دستورنا.. وهناك خطر على الحريات أيضا”، وفق تعبيره.
وقال القاضي المعروف في تصريح إعلامي، تعليقا على قول قيس سعيّد، بأنّ “الشرعية تحتاج لمراجعة في اتجاه الأغلبية، قال “أعتقد أنّ رئيس الجمهورية، جهّز لكلّ شيء.. هناك مراحل سابقة لهذه المسألة، وأولها ترذيل الأحزاب والبرلمان، وثانيها خطاباته في ثكنات القوات الحاملة للسلاح، وخاصة العسكرية منها، ثمّ تلميحه غير المباشر لاعتزامه تفعيل الفصل 80 من الدستور”، مشيرا إلى أن “كل هذه التطورات، جاءت في ظل غياب أغلبية ائتلافية واضحة”.
وشدد صواب، على أنّ سعيد جهّز لهذه الفترة، التي يكون فيها ميزان القوى بداهة، لصالحه، ملاحظا: “هو يناور جيدا، بالإضافة إلى أنّ الظرف لصالحه… هذه المرة الأولى التي ليس لنا أغلبية واضحة، ولدينا تقريبا قطبان، الأول يضم 70 نائبا ( الكتلة الديمقراطية والوطنية والإصلاح)، مقابل قطب يضم 90 نائبا تقريبا (النهضة وائتلاف الكرامة والمستقبل)، وبين القطبين هناك حزب “قلب تونس”، الذي أصبح قادرا على أن يلعب دورا”، وفق تقديره.
وتابع صواب، “هو (سعيّد) عمل والظروف كانت لصالحه ليلعب كما يريد”، معتبرا أنّ تكليفه هشام المشيشي بتشكيل الحكومة، حمل رسالة للأحزاب، التي طالبها بتقديم قائمات إسمية مقترحة لرئاسة الحكومة، ثمّ اختار هشام المشيشي”، أي من خارج سياق القائمات.
وأضاف “المعنى الأول لذلك هو قوله للأحزاب، وخاصّة منها حركة النهضة، بأنّها لن تحكم بالطريقة التي تريدها، مادام هو موجود، وبنفس الدستور وخاصة في ظل غياب محكمة دستورية، مما سيساعده هو بصفة خاصة، وبدعم من بعض الأحزاب الأخرى، على تأويل الدستور، وبالتالي حطّم سعيّد “النهضة” في الأثناء، وضربها كثيرا، وضرب المنظومة البرلمانية والأحزاب، وذلك يعني بديهيا، ضرب الحزب الأوّل “، حسب تحليله.
ولفت أحمد صواب إلى أن بين (سعيد) و(النهضة) تقاطعات، خاصة من حيث القاعدة الانتخابية، معتبرا أنّ سعيد افتك الكثير مما يسمى “بشعب النهضة”، أي جمهور ناخبيها، مضيفا “هذا يعني أن حل البرلمان وإجراء انتخابات سابقة لأوانها، أمر من الصعب جدا أن تقبله الأحزاب، لأنها ستكون أمام مفاجآت، خاصة إذا كانت هناك قائمات مدعومة، أو محسوبة على الرئيس سعبد، لذلك فان الكتل ستقبل على الأرجح بأية شخصية ستقدم حكومة وستصادق عليها حتى لا يتم حل المجلس”.
وتابع “كلّ هذا سيُسهّل علينا تفسير مراجعة الشرعية، بما يخدم الجهة الأغلبية”، مذكّرا بأنّ ثمّة “3 شرعيات كبرى في تونس، الأولى شرعية الحكومة ورئاستها، والثانية شرعية رئاسة الجمهورية، والثالثة شرعية البرلمان”، وأضاف “هناك نوعان من الشرعية: الشرعية المباشرة، التي يتمتع بها البرلمان ورئاسة الجمهورية، فيما تعد شرعية رئاسة الحكومة، شرعية غير مباشرة، وبالتالي فإن الشرعية غير المباشرة، لا تزن مقابل الشرعية المباشرة”.
وقال في نفس السياق “إنه في ظل عدم وجود أغلبية برلمانية واضحة في المجلس، فإن ذلك يحيلنا إلى الشرعية الوظيفيّة، ومع حالة الشلل التي يعيش على وقعها البرلمان، يمكن القول انه لا وجود لشرعية على الأقل بأغلبية مثلما كان الحال سابقا بين “النداء” و”النهضة” و”الاتحاد الوطني الحر” و”آفاق تونس”، وبالتالي بقيت الشرعية في البلاد لدى رئيس الجمهورية، الذي قال لهم في جميع الحالات مادامت لا توجد شرعية واضحة في البرلمان تتقدم بالبلاد والفقراء والجهات، فإن الشرعية الوحيدة الموجودة في البلاد، هي التي تعمل، وهي بالنسبة لسعيد، شرعية رئيس الجمهورية”..
(المصدر: موقع “الشارع المغاربي” بتصرف)