بعد استقالة “حكومة الرئيس”: سعيّد أمام امتحان جديد لاختيار الشخصية “الأقدر”
تونس ــ الرأي الجديد (صحافة عالمية)
تنطلق مفاوضات سياسية ماراتونية تمتد على عشرة أيام، يقودها رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، بحثا عن مرشح توافقي لخلافة رئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ، من أجل نيل ثقة برلمان منقسم بينما تواجه البلاد أزمة اجتماعية خانقة.
وجاءت استقالة الفخفاخ اثر أشهر من خلافات حادة خرجت للرأي العام بين رأس السلطة الرئيس قيس سعيّد، ورئيس حزب “النهضة”، راشد الغنوشي.
وقدم الفخفاخ استقالته، أول أمس، اثر اتهامات تلاحقه في ملف تضارب مصالح وتحقق فيه لجنة برلمانية، كما تشبث حزب النهضة ذو المرجعية الاسلامية بسحب الثقة منه بسبب هذا الملف.
ودفعت الاستقالة بسعيّد من جديد ليكون لاعبا أساسيا في المشهد السياسي، وفقا لما ينص عليه الدستور، وليقود مشاورات مع الأحزاب السياسية والكتل النيابة والمنظمات، على أن يقدم مرشحه خلال مهلة عشرة أيام.
مرشح سعيّد سيكون مقيدا وفقا للدستور بتشكيل حكومة خلال شهر وعرضها على البرلمان لنيل الثقة.
غير أن مهمّة سعيّد لن تكون بالهيّنة لإقناع النهضة (54 نائبا من أصل 217)، التي فشل مرشحها لرئاسة الحكومة الحبيب الجملي مطلع العام 2020، في نيل ثقة البرلمان وتم المرور الى الفخاخ الذي رشحه الرئيس، بدعم فرنسي واضح.
استغرقت المفاوضات السابقة منذ أن أجريت الانتخابات النيابية في أكتوبر 2019، نحو أربعة أشهر من التجاذبات السياسية، إلى حين تم الاتفاق على الفخفاخ، ونيله الثقة نهاية فيفري الماضي.
من الثورة…الى البراغماتية
يصف المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي، وضع الرئيس التونسي مثل الشخص الذي “يمشي على خيط رفيع”، مبينا أنه أصبح في وضعية حرجة لأنه يجب أن يحسن اختيار المرشح حتى يتمكن من الحصول على الأغلبية البرلمانية… وإن فشل في ذلك، فسيعرض البلاد الى مرحلة دقيقة، وربما انتخابات مبكرة”.
دفعت النهضة باستقالة الفخفاخ بعد أن فشلت في اقناعه بتوسيع الائتلاف الحاكم، وإشراك أحزاب أخرى، وشعرت وكأنها “مهمشة” داخل الحكومة التي تضم أحزابا تلتقي مع سعيّد في الدفاع عن مبادئ ثورة 2011، وتختلف مع النهضة في بعض السياسات.
ويرى الجورشي في هذا السياق أنه بالنسبة للمشهد السياسي في المستقبل، ربما “سنشهد تحوّلاً في التحالفات، مما كان يسمى بائتلاف الثورة (حكومة الفخفاخ) الى الشق الآخر البراغماتي… أي الانتقال من منطق الثورة الى منطق البراغماتية المبنية على المصلحة السياسية”.
وظهر في الآونة الأخير توافق علني بين حزب النهضة وحزب “قلب تونس” (27 نائبا)، الذي يترأسه رجل الأعمال نبيل القروي.
وأصرّت النهضة منذ البداية على إشراك “قلب تونس في الحكم”، لكن قوبل طلبها برفض متواصل من الفخفاخ.
فرضية انتخابات مبكرة
ويقول أستاذ القانون الدستوري سليم اللغماني، إن الرئيس “يملك صلاحية حلّ البرلمان، بينما ستخسر الكتل النيابية الكثير، ان تم اقرار انتخابات مبكرة”، حسب قوله..
وقد أظهرت استطلاعات للرأي مؤخرا، تقدم “الحزب الدستوري الحرّ” في نوايا التصويت. وتقود هذا الحزب المحامية والمدافعة عن نظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي، عبير موسي.
وتقود عبير موسي حملة ضد حزب النهضة وراشد الغنوشي وتتهمه بالتسبب في تأزم الوضع في البلاد منذ الثورة، حيث قامت أمس، بالاحتجاج في مقر البرلمان وعطلت سير جلسة كانت مخصصة لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية.
وهذا مؤشر آخر على أن التجاذبات السياسية والخلافات داخل البرلمان ستكون فاصلة في عملية منح الثقة للمرشح الجديد.
وفي حال فشل مرشح سعيّد في كسب ثقة البرلمان بـ 109 أصوات، فستتعزز فرضية المرور الى انتخابات نيابية مبكرة نهاية العام 2020، والبلاد لم تخرج بعد من أزمة اقتصادية واجتماعية حادة.
(المصدر: القدس العربي)