مركز “كارتر” يدعو البرلمان التونسي إلى اتّخاذ خطوات “فورية” لإرساء المحكمة الدستوريّة
تونس ــ الرأي الجديد (متابعات)
حثّ مركز “كارتر” الأمريكي، في تقريره النهائي حول الانتخابات التونسية لسنة 2019، البرلمان، على اتّخاذ خطوات فورية لإرساء المحكمة الدستوريّة والهيئات الدستورية المستقلة الخمسة التي أحدثها الدستور وتفعيلها.
واعتبر المركز، في تقريره أن “البرلمان التونسي لم يجعل من إرساء هذه المؤسسات أولى أولويّاته وأنه يواصل المماطلة في اتخاذ الخطوات اللازمة لتسهيل عملها”.
إطار تشريعي جديد
وأكد مركز “كارتر”، أن لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجيّة على سبيل المثال، تعهّدت بالنّظر في تنقيح المرسوم المتعلّق بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) رغم إدانة مجلس “الهايكا” و16 منظمة من منظمات المجتمع المدني، هذا التعديل المقترح على أساس أنّ فيه محاولة للسيطرة على قطاع الإعلام.
وشدّد المركز، على ضروة إعطاء الأولوية لوضع الإطار التشريعي المنظّم للهيكل الذي سيحلّ محلّ “الهايكا”، بدلا من تعديل المرسوم الراهن، بغية الابقاء على الهايكا وتمديد ولايتها، بما أنّها معنيّة لتكون هيئة وقتيّة، مبرزا أن اندلاع جائحة “كورونا”، أكدت أهمية وجود هذه الهيئات، نظرا للحاجة لإصدار مراسيم، مشيرا إلى أن غياب المحكمة الدستورية، زاد من الغموض القانوني.
ولفت “كارتر”، إلى أنه في غياب هذه المحكمة، لم يكن للأطراف المعنية أي سبيل للطعن في الإجراء المتّبع في اعتماد هذه التدابير، مضيفة أن “الحاجة إلى وجود محكمة دستورية برز أيضا عندما قامت اللجنة البرلمانية المعنية بالنظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية باعتماد التعديل المقترح على الفصل 45 من النظام الداخلي للبرلمان” الذي يعاقب بشدّة “السياحة البرلمانية أو الحزبية والذي قال المركز انه طرح تساؤلات حول دستوريته”.
وقيّم المركز، العمليات الانتخابية الثلاث على أنّها كانت منتظمة وسليمة ولم تسجل خلالها غير مخالفات وصفها بـ”الطفيفة”، مؤكدا أن انتخابات 2019، تخلّلها نقص في الشفافية عموما، من جانب السلطات الانتخابية وغيرها من المؤسسات، وأنه شابتها محاولات في اللحظات الأخيرة لتقييد الحق في الترشح للانتخابات الرئاسية مذكّرا بسجن أحد المرشّحين بتهم قال أن التحقيق جار فيها منذ سنة 2016 في إشارة الى المرشح للانتخابات الرئاسية نبيل القروي، مؤكدا أن ذلك أثار تساؤلات حول وجود تدخل سياسي في النظام القضائي.
إصلاح النظام الانتخابي
وحثّ المركز، السلطات الانتخابية والأحزاب السياسية على منح الأولوية، لإصلاح النظام الانتخابي وعلى تنفيذ التّغييرات اللازمة للعملية الانتخابية، استنادا إلى الدروس المستفادة من انتخابات سنة 2019 وعلى توصيات ملاحظي الانتخابات المحليين والدوليين معربا عن استعداده للعمل مع البرلمان والسلطات الانتخابية والمجتمع المدني والأحزاب السياسية في هذا الخصوص.
وشدد المركز، في التوصيات التي ضمّنها بتقريره على ضرورة أن تعتمد الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، على أكبر قدر من الشفافية في جميع جوانب نشاطها وعلى ضرورة تواصلها مع إدارات وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة “فيسبوك”، وذلك قبل أن تبدأ الدورة الانتخابية القادمة، من خلال ارساء علاقة لتبادل المعلومات المتعلقة بأرشفة مناسبة لرصيد الإعلانات المرتبطة بتونس والتّوجّه إلى احترام القانون الانتخابي التونسي، فيما يتعلّق بفترات الصمت واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية، والاتفاق على آليّة تسمح للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالنفاذ إلى المعلومات حول عدد وتكاليف الإعلانات السّياسية وبنشرها.
وحثّ “كارتر”، البرلمان على أن يقوم بصياغة وإقرار قانون متعلّق بضبط مقاييس تقسيم الدوائر الانتخابية، وتحديد عدد مقاعدها باعتماد أحدث بيانات التعداد السكاني المتاحة من أجل الاحترام الكامل لمبدأ المساواة في التصويت، من خلال معالجة الفجوة الواسعة بين الحاصل الانتخابي الذي يمكّن من الحصول على مقاعد في الدوائر الانتخابية صغيرة الحجم، وذلك الذي يخوّله في الدوائر الانتخابية كبيرة الحجم، مجدّدا تأكيده على ضرورة اتخاذ البرلمان خطوات مستعجلة لانتخاب بقية أعضاء المحكمة الدستورية، واعتماد الإطار القانوني الضّروري لعمل كافة الهيئات المستقلة التي أحدثها الدّستور، وتعيين أعضاءها، مشددا على ضرورة أن تتحلى المحكمة بأكبر قدر من الشفافية في نشر الشكاوى والأحكام المتعلّقة بالمادة الانتخابية لتعزيز ثقة العموم في القضاء.