انقسام أوروبي حول ليبيا: وفرنسا تؤيد تهديدات السيسي
عواصم ــ الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
أكدت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة أن الممانعة الأوروبية تتعمق حيال توجّه حكومة الوفاق الليبية وحليفها التركي لدخول مدينة سرت ذات البُعد الاستراتيجي، سواء على المستوى العسكري أو الاقتصادي.
السيطرة على سرت
وقالت المصادر إن السيطرة على سرت، تعني السيطرة على بوابة الهلال النفطي، كما أنها النقطة الوحيدة التي يمكن من خلالها التحكّم بالطريق إلى الموانئ الرئيسة المتمثلة في السدرة ورأس لانوف والبريقة والزويتينة.
وأضافت المصادر أنه على الرغم من أن هناك انقساماً أميركياً داخل دوائر صناعة القرار بشأن استكمال العمليات العسكرية من قِبل حكومة الوفاق وتركيا للسيطرة على منطقتي سرت والجفرة، إلا أن موقف البيت الأبيض يميل إلى دعم تركيا في توجّهها، شرط إزاحة روسيا من تلك المنطقة وانتزاع قاعدة الجفرة من أيدي مرتزقة “فاغنر” المسيطرين عليها حالياً، متابعة “واشنطن ستقبل في حالة واحدة بوقف إطلاق النار الفوري، وتمنع تركيا من التقدّم نحو سرت، وهي إعلان الأطراف المتحكّمة في شرق ليبيا، تقديم روسيا ضمانات بشأن عدم التواجد العسكري الروسي في ليبيا”.
وقالت المصادر إن الموقف الأوروبي الرافض لاستمرار العملية العسكرية لحكومة الوفاق، لا يعني بالضرورة قبول تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأخيرة، التي لوّح فيها بالتدخل العسكري في ليبيا واستعداد بلاده لتدريب وتسليح أبناء القبائل، مؤكدة أن هناك رفضاً لدى القوى الأوروبية الفاعلة باستثناء فرنسا.
وتابعت نفس المصادر، بأن ألمانيا أبلغت مصر رسمياً بموقفها الرافض لأي تحرك عسكري في هذا الصدد أو أي خطوة من شأنها تهديد السلم المجتمعي الليبي، في إشارة إلى إعلان السيسي استعداده لتسليح أبناء القبائل.
وتساءلت المصادر: “كيف لتصريح مثل هذا أن يخرج من رئيس دولة يتحدث عن أمن بلاده القومي الذي يرى أن هناك تهديداً له من جانب دولة جارة، فبدلاً من أن يدعو الأطراف إلى التزام الهدوء، يسعى لتأجيج حرب أهلية، وجعل السلاح في أيدي الجميع، في ظل أن ليبيا لها طبيعة خاصة على المستوى الاجتماعي الخاص بسيطرة القبائل على قطاع كبير من القرار السياسي بها”.
تونس والجزائر.. موقف موحد
كما كشفت المصادر أن تونس والجزائر أبلغتا القاهرة رفضهما لحديث الرئيس المصري بشأن إمكانية التدخل العسكري، مؤكدتين أن الحديث عن توسيع المعارك أمر في غاية الخطورة على المنطقة برمتها، وعلى دول الجوار التكاتف من أجل الوصول لحل سياسي بدلاً من تصعيد خطاب الحرب، لافتة إلى أن “الجزائر شددت على أنها لن تسمح بأي تدخل عسكري مصري في ليبيا بشكل رسمي”.
وبحسب المصادر فإن “الحسابات في ليبيا معقّدة للغاية، والتحالفات تتغيّر بشكل متسارع، فعلى سبيل المثال مواقف إيطاليا تغيّرت خلال الأيام القليلة الماضية أكثر من مرة ذهاباً وإياباً بين الشرق والغرب”.
وقالت المصادر إن تركيا وسّعت دائرة مفاوضاتها أخيراً مع القوى الأوروبية الفاعلة لدعم الوصول إلى تحالف واسع عبر تقسيم “كعكة الطاقة” في ليبيا، مشيرة إلى أن برلين تميل أكثر إلى تحالف غرب ليبيا، شرط تقديم ضمانات كافية متعلقة بقضايا مواجهة الهجرة غير الشرعية، ومواجهة المجموعات صاحبة الفكر المتطرف، مضيفة أن وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا أعلن أنه سيقدّم خلال الفترة المقبلة تصوراً واضحاً لهيكلة الكتائب القبلية ضمن إطار وهيكل رسمي يتسق مع شكل الدولة المدنية المرجوة، بالإضافة إلى تأكيده “توقيف ثلاثة من الأسماء المتهمة من جانب الاتحاد الأوروبي بقيادة مجموعات متطرفة”.
ميل أوروبي
وقالت المصادر إن الميل الأوروبي في المجمل إلى حكومة الوفاق في الوقت الراهن، ليس فقط لكونها الكيان المعترف به من الأمم المتحدة، ولكن لأنها الكيان الأكثر جدارة بالثقة في الوقت الراهن، نظراً لما قدّمته من أدلة بشأن نواياها حول إقامة دولة بشكل متماسك تضمن عدم تحوّل ليبيا إلى بؤرة جديدة للجماعات والمليشيات المتطرفة، مضيفة “الوفاق قدّمت تصوراً خاصاً ببناء الجيش عبر تنسيقها مع إحدى الشركات الدولية المتخصصة في هذا المجال”.
وكشفت المصادر عن ضغوط أوروبية وأميركية واسعة على دولة الإمارات، أخيراً، لثنيها عن استمرار تحركاتها في الشرق الليبي التي وصفتها المصادر بالرامية للحرب، مؤكدة أن “جزءاً من الاندفاع المصري في هذا الملف سببه أبوظبي بشكل رئيسي”، مضيفة “تصريحات السيسي الأخيرة، على الرغم من حدتها إلا أنها ربما كانت تحجيماً لمساعٍ إماراتية رامية لانخراط مصر في حرب شاملة في ليبيا ضد تركيا”.
وبحسب المصادر، فإن “التصريحات المصرية الأخيرة ربما جاءت متماشية مع سياسة إمساك العصا من المنتصف؛ فمن جهة أرضت الحليف الإماراتي، ومن جهة أخرى أسهمت في تحقيق أهداف داخلية، ومن جهة ثالثة جعلت للقاهرة موضع قدم في الاتصالات الجارية”.
(المصدر: العربي الجديد)