الفرضيات والسيناريوهات الدستورية لإسقاط حكومة الفخفاخ… شاكر الحوكي، أستاذ القانون الدستوري يتحدث لــ “الرأي الجديد”
ــــ سيناريوهات إسقاط الفخفاخ
ــــ فرضيات تدخل البرلمان
ــــ سناريوهات الإطاحة برئيس الجهورية
ــــ الفرضية التي تتيح للغنوشي الوصول إلى رئاسة الجمهورية
تونس ــ الرأي الجديد / صالح عطية
هل يمكن لمجلس نواب الشعب سحب الثقة من رئيس الحكومة؟ وكيف يمكن لرئيس الجمهورية، عزل رئيس الحكومة؟ وما هي السبل الدستورية الممكنة لإسقاط حكومة الائتلاف الحاكم التي لم يمض على تشكيلها سوى أربعة أشهر؟
وتزداد أهمية هذه التساؤلات، في ضوء التوتر الحاصل بينه وبين حركة النهضة من جهة، وغياب الانسجام بين الائتلاف البرلماني والائتلاف الحكومي داخل مجلس نواب الشعب، من جهة أخرى.
فما هي الفرضيات التي يسمح بها الدستور في الوقت الحاضر للإطاحة بهذه الحكومة؟ وما هي السيناريوهات المتاحة، لتفعيل عملية الإسقاط هذه، في ظل الخلل الموجود في موازين القوى البرلمانية راهنا؟
فرضيات أساسية
إجابة على هذا السؤال، قال شاكر الحوكي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس، في تصريح خص به “الرأي الجديد”، أنّ ثمة 3 فرضيات تتحكم في مآلات الحكومة الراهنة.
وأوضح الحوكي، أنّ الفرضية الأولى، “هي ما ينص عليه الفصل 97 من الدستور، والتي تتيح لمجلس نواب الشعب، الحق في سحب الثقة من رئيس الحكومة، وفقا لثلاث شروط أساسية”، من الضروري تحقيقها، وهي:
ــــ أن يحظى مطلب اللائحة بدعم 1/3 أعضاء مجلس نواب الشعب، وأن يكون معللا.
ــــ ضرورة موافقة الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، على سحب الثقة.
ــــ التقدم بمرشح بديل لرئيس الحكومة، يصادق عليه مجلس نواب الشعب، في نفس الجلسة التي سيتم فيها سحب الثقة.
واعتبر أستاذ القانون الدستوري، أنّ هذه الشروط، “تبدو مستحيلة التحقيق”، في ظل المشهد السياسي الحالي، نظرا للانقسام الحاد داخل المجلس، وعدم توفر ما يكفي من أصوات لتحقيق هذا الهدف، على الرغم من تحمس “حركة النهضة” و”قلب تونس” و”ائتلاف الكرامة” لهذا الخيار.
وأضاف بأنّ الانخراط في مثل هذا التوجه، “سيفتح المجال واسعا للاتحاد العام التونسي للشغل، والأحزاب التي فشلت في الانتخابات، وحتى سفراء الدول الأجنبية، للتدخل من أجل إبداء رأيها في رئيس الحكومة المقترح، في مشهد يذكرنا بأزمة 2013 إبان حكم الترويكا” وفق تقديره.
سيناريوهات الإستقالة
ومضى شاكر الحوكي، متحدثا عن الفرضية الثانية، التي يؤثثها ــ في رأيه ــ الفصل 98 من الدستور، والتي تتمثل في “استقالة رئيس الحكومة من تلقاء نفسه، إما من خلال تقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية، أو من خلال طلب الثقة من مجلس نواب الشعب، وفي حال عدم تجديد الثقة في الحكومة، تتم الاستقالة آليا”، مشيرا إلى أنّ هذا الأمر هو ذاته الذي أقدم عليه الحبيب الصيد، رئيس الحكومة الأسبق، إبان حكم الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، بعد “التآمر” الذي تعرض له من قبل مستشار الرئيس آنذاك، نور الدين بن تيشة، وابنه، حافظ قايد السبسي، والتي عرفت بواقعة “أخرج وإلا توا نمرمدوك”.
لكنّ الدكتور الحوكي، يعتبر أنّه في كلا الحالتين، يعود لرئيس الدولة وحده، تكليف الشخصية الأقدر على تكوين الحكومة الجديدة، ولن يكون لحركة النهضة بوصفها الحزب الأغلبي، القدرة على تقديم مرشحها.
وحول الفرضية الثالثة التي يمكن بواسطتها، إسقاط الحكومة، قال أستاذ القانون الدستوري، ورئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية والقانونية، أنّ الأمر يتعلق بالفصل 99 من الدستور، الذي يتطلب من رئيس الدولة، أن يطرح على مجلس نواب الشعب، تجديد الثقة في رئيس الحكومة لمواصلة نشاطه على رأس السلطة التنفيذية، فإذا ما رفض المجلس ذلك، سقطت الحكومة، وعندئذ يمكن لرئيس الدولة، إما تكليف الشخصية الأقدر لتكوين حكومة أخرى، أو حلّ البرلمان، والدعوة إلى انتخابات جديدة سابقة لأوانها، إن لم تحض هذه الشخصية المكلفة منه، بثقة البرلمان.
وردّا على سؤال “الرأي الجديد”، بشأن ما إذا تولى مجلس نواب الشعب، تجديد ثقته في الحكومة، كيف ستكون مآلات الوضع، قال الحوكي، إنه في هذه الحالة، “تتم الإطاحة برئيس الجمهورية، الذي يعدّ عندئذ، مستقيلا”. وشدد شاكر الحوكي، على أنّ ذلك “يفتح المجال لتطبيق الفصل 84، الذي يتيح لرئيس مجلس نواب الشعب، تولي مهام رئيس الجمهورية فورا، بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما”.
وكشف أستاذ القانون الدستوري، في هذا السياق، أنّ هذه الفرضية “يصعب تخيلها في الوقت الحالي، لعدة اعتبارات ــ حسب رأيه ــ اختزلها في هذه النقاط:
** أولها، أنّ التصويت على تجديد الثقة للحكومة، يتطلب الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب.
** وثانيها، وجود صعوبة في عملية الربط بين الفصل 84 (الفقرة الثانية من الدستور)، والفصل 99 (الفقرة الأخيرة)، أي بين الاستقالة المنجرة عن عدم التصويت عند لجوء رئيس الدولة الى البرلمان لتجديد الثقة في الحكومة، والاستقالة التي يوجهها رئيس الجمهورية من تلقاء نفسه، لأي سبب من الأسباب إلى المحكمة الدستورية.
** وثالثها، غياب المحكمة الدستورية المؤهلة لتقبل استقالة رئيس الدولة، وإقرار الشغور النهائي، وتبليغ رئيس مجلس نواب الشعب، بتولي مهام رئيس الجمهورية.
الإطاحة برئيس الجمهورية
وأضاف رئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية والقانونية، بأنّ الفصل 100 من الدستور، يكشف الفرضية الأخيرة لإسقاط حكومة الفخفاخ، من خلال “الشغور النهائي لمنصب رئيس الحكومة، وفق ذات الفصل، لأي سبب كان، غير الاستقالة وسحب الثقة، كالعجز والمرض، أو الوفاة، حيث يعود لرئيس الدولة أن يكلف مرشح الحزب الحاكم، من تكوين حكومة جديدة، كما حصل مع السيد حبيب الجملي، الذي اقترحته (حركة النهضة)، على أن يتم ذلك في حدود شهر واحد، فإن لم يتمكن من ذلك، يعود الأمر إلى رئيس الدولة مجددا، لتكليف الشخصية الأقدر، مثلما حصل مع السيد إلياس الفخاخ، ومن ثم عرضها على مجلس نواب الشعب لنيل الثقة”، حسب تقديره.
أمر مستحيل حاليا
وأكد شاكر الحوكي، على أنّ كل الفرضيات الدستورية المتاحة، وفقا لهذه المقاربة، تجعل من أي محاولة للنيل من الفخفاخ وحكومته، أمرا شبه مستحيل في الوقت الحالي.
وهنا تدخلت “الرأي الجديد”، لتسأل محدثنا عن سيناريو سحب حركة النهضة، وزراءها من الحكومة، وهو ما لوحت به بعض قيادات الحزب في وقت سابق..
في هذه الحالة، قال أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس، أنّ “هذه الوضعية، غير مؤطرة دستوريا”، بل سيكون على حكومة الفخفاخ، الاستمرار دون الحاجة الى الذهاب الى البرلمان، كما حصل مع حكومة يوسف الشاهد، حينما استقال سليم خلبوس من وزارة التعليم العالي، وكلف محله وزير التربية بالنيابة، حاتم بن سالم الذي تولى الإشراف على الوزارتين في نفس الوقت، وحصل نفس الشيء أيضا مع السيدة سنية بالشيخ، وزيرة الشباب والرياضة آنذاك، التي كلفت بالإشراف على وزارة الصحة خلفا للسيد روؤف الشريف، إلى جانب استقالة مهدي بن غربية من منصبه كوزير للعلاقة مع الهيئات الدّستوريّة والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، دون تعويضه بمن يخلفه في نفس المنصب. وفي هذه الحالة لن يكون أمام رئيس الحكومة أو رئيس الدولة أو مجلس نواب الشعب الا العودة إلى أحد الفرضيات السابقة، مع تقبل نفس النتائج التي ستفضي إليها، إذا ما استمرت الرغبة في التخلص من حكومة الفخفاخ.
ونبه الدكتور شاكر الحوكي، إلى أنّ قدر حكومة إلياس الفخاخ، إذا ما استمر على إصراره بعدم توسيع حكومته، من خلال القبول بحزب “قلب تونس” أو غيره من الأحزاب، وتجرأت (حركة النهضة) على سحب وزرائها من التشكيل الحكومي، عندئذ، فإما أن تكون حكومة عرجاء، أي ناقصة، وإما حكومة عوجاء، بمعنى افتقادها إلى التضامن الحكومي، ودعم الأحزاب التي تشكلها..