“نيويورك تايمز”: هل يسعى ترامب لنشر فيروس “كورونا” القاتل حول العالم ؟
واشنطن ــ الرأي الجديد (وكالات)
انتقد الكاتب والمحلل السياسي الأميركي توماس فريدمان، تعامل رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، مع جائحة فيروس “كورونا” المستجد (كوفيد-19)، وتساءل عمّا إذا كان زعيم أقوى دولة في العالم يسعى لنشر هذا الوباء القاتل.
وأبدى فريدمان -في مقاله الأسبوعي بصحيفة “نيويورك تايمز”- أسفه من أن ترامب “لا يحترم الفيروس، ولا يعمل على تنسيق (إستراتيجية) متماسكة” لمواجهة عارض يتعلّق بالصحة العامة، بل إن استجابته هذه نابعة من مآربه السياسية ولا تستند إلى علوم الكيمياء والأحياء والفيزياء.
وأشار إلى أن المؤرخين، عندما يشرعون في التدوين لفيروس “كورونا” في أميركا، فإنهم ربما يجادلون في أن أكبر أخطاء الرئيس ترامب لم تكن فشله في التعامل مبكرا مع الجائحة مطلع عام 2020، عندما كانت النقاشات تدور على نطاق واسع حول الإستراتيجية الصحيحة لمكافحة الفيروس وما شابها من صعوبة دون التثبت من نجاعتها.
غير أن المؤرخين -برأي فريدمان- سوف يشيرون إلى ما أخفق ترامب في القيام به في جوان (يونيو/حزيران 2020)، حينما كانت الإستراتيجية الصحيحة “واضحة، ومجربة وسهلة نسبيا”.
أول تجمع انتخابي
ومما لا ريب فيه -بحسب الكاتب- أن هذا الفيروس مراوغ، فما إن يطفو على السطح حتى يختفي ليظهر مرة أخرى. ثم إن الأعراض تظهر عند بعض الناس وتختفي عند البعض الآخر، وآخرون منهم لديهم على ما يبدو مناعة طبيعية ضده يتعذر فهمها.
ويمضي المقال، إلى التأكيد على أن الدول التي يرتدي مواطنوها الكمامات خارج المنزل، يقل فيها انتشار الوباء بدرجة كبيرة، وأن الناس الذين يلتزمون التزاما صارما بضوابط التباعد الاجتماعي قلما ينقلون العدوى للآخرين، كما أنهم في الغالب الأعم يكونون أقل عرضة للإصابة بالفيروس.
“كما أننا ندرك أن من يتجنبون حضور الأنشطة التي قد تتسبب في انتشار الوباء على نطاق واسع – مثل المناسبات الاجتماعية الكبيرة وأماكن أداء الشعائر الدينية والأندية الليلية المكتظة ومواقع العمل التي يمكن لشخص واحد يعاني من إصابة شديدة أن ينقل الفيروس سريعا إلى العديد من الأشخاص – هم الأقل عرضة له على الأرجح”.
ويعود توماس فريدمان، ليوجه سهام نقده مرة أخرى لترامب، حيث يقول إن الولايات المتحدة لديها رئيس بدلا من أن يرتدي كمامة جعل ذلك تصرفا بطوليا ونكاية في الليبراليين، وهو الذي أرغم 1100 خريج من أكاديمية ويست بوينت العسكرية للعودة إلى الحرم الجامعي وعزل أنفسهم لمدة أسبوعين حتى يتسنى له حضور حفل تخرجهم وإلقاء كلمة فيه والتقاط صور معهم.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز”، قد أوردت السبت الماضي، أن نحو 1100 من طلاب الأكاديمية من الخريجين، قد أُمروا بالعودة إلى الحرم الجامعي في مارس / آذار، بعد أن أعلن الرئيس ترامب على حين غرة في أفريل (أبريل / نيسان) أنه ينوي إلقاء كلمة في حفل تخرجهم.
واضطر هؤلاء الخريجون، إلى عزل أنفسهم صحيا في السكن المخصّص لهم في حرم الأكاديمية لمدة أسبوعين، وارتداء الكمامات كإجراء احترازي تحسبا من الإصابة بكوفيد-19.
وأعلن ترامب الأسبوع الماضي، إرجاء أول تجمع انتخابي له بعد إنهاء الإغلاق بسبب “كوفيد-19″، كان مقررا عقده يوم 19 جوان (يونيو/حزيران) الجاري في مدينة تولسا بولاية أوكلاهوما، ليوم واحد، لأنه يصادف الاحتفال بذكرى نهاية العبودية في الولايات المتحدة.
وقال توماس فريدمان، إن أبرز إجراء احترازي لحضور تجمع تولسا الانتخابي، هو إلزام من يرغب في حضوره بالتوقيع على إقرار قانوني ينص على قبوله بتحمل كافة المخاطر الناجمة عن التعرض لـ “كوفيد-19″، وعدم تحميل دونالد ترامب المسؤولية.
تصرف شيطاني
وأشار إلى أن ترامب، دأب على الإشادة بحكام الولايات الذين يأمرون بفتح البارات والمطاعم لكي يتدفق نحوها الناس، معتبرا أن ذلك تصرف “شيطاني تماما”.
وأضاف أن ترامب يريد أن يعود كثير من الأميركيين إلى أعمالهم، وأن تعاود أسواق الأسهم والسندات الارتفاع مجددا دون حتى أن يطلب من الأميركيين أخذ أبسط الاحتياطات.
ووصف ذلك، بأنه ليس مجرد ضرب من السخرية بل تصرف من الغباء بمكان، “فالناس لن يعودوا للعمل أو يخرجوا لتناول وجباتهم إذا رأوا أعدادا كبيرة من العائلات وزملائهم في العمل وأصدقائهم يمرضون أو يموتون، ولن يهمهم ما يقوله” ترامب لهم.
وواصل فريدمان تهكمه من ترامب، وتساءل: ماذا كان رئيس حقيقي سيطلب من حكام الولايات ذلك اليوم؟ لكن الكاتب والمحلل الأميركي لم ينبرِ للإجابة عن السؤال بنفسه، بل ترك ذلك لخبيرين في مجال الصحة العامة هما داريا لونغ والدكتور ديفيد كاتز.
ويرى الخبيران، ضرورة إعداد خطة تفصيلية لعودة الناس إلى أعمالهم مع اتخاذهم التحوطات اللازمة.
ويجيب كاتز، بدوره، عن السؤال قائلا: “إن البيانات المجمعة من الولايات المتحدة وكافة أرجاء العالم كثيرة تؤكد أن وباء كوفيد-19 يشكل “تهديدا خطيرا” لكبار السن ومن يعانون من أمراض مزمنة، لكن تأثيره خفيف عموما على صغار السن والأصحاء”.
ويخلص فريدمان في مقاله، إلى القول إن عودة الحياة إلى طبيعتها تستوجب توفر مناعة ضد الفيروس لدى الناس على نطاق واسع، ولن يتأتى ذلك إلا عبر وسيلتين هما إنتاج لقاح “آمن وفعال وبكميات كبيرة وتوزيعه في أرجاء العالم”، وهو “الحل الأمثل” .. أما الوسيلة الثانية فتتمثل في “مناعة القطيع الطبيعية”.
ويختم المحلل السياسي الأميركي، بالقول: إن “النهج العشوائي” المتبع في الولايات المتحدة حاليا لا يعدو أن يكون مجرد استجداء للمتاعب، بحسب تعبيره.