صحيفة “ليبراسيون”: الإمارات تواصل حربها الدولية على الإسلاميين رغم أزمة “كورونا”
الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
في اليمن وليبيا والسودان، وأيضا في سوريا؛ لم توقف أزمة كورونا نشاط الإمارات الدولي، ولم تحد من حضورها المالي المكلف للغاية، رغم أن ذلك قد يكون سلاحا ذا حدين.
بهذه المقدمة لخصت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية تحليلا للكاتبة الصحفية هالة قضماني، قالت فيه إن التأثير الباهر للعالم المستقبلي بما فيه من أبراج وجزر اصطناعية ومنحدر للتزلج في منتصف مركز دبي للتسوق، وقصور من طراز ألف ليلة وليلة، الذي قامت عليه سمعة الإمارات؛ لا يبدو أنه يكفي لإرضاء طموحاتها.
ويبدو أن بريق هذا المعمار يصبح أكثر خفوتا، في هذه الأوقات التي يتباطأ فيها الاقتصاد، وتتوقف الأعمال والسياحة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، ولكن ذلك لم يثبط -بأي حال- حماسة دولة الإمارات الثرية، في خوض الصراعات التي انخرطت فيها، كما تقول الكاتبة.
ففي الوقت الذي كان فيه كوكب الأرض في حجر صحي، واصلت الإمارات دفع بيادقها إلى ساحة المعركة، إلى درجة أنها أزعجت حلفاءها الدوليين بإضافة الوقود إلى النار، في اليمن وليبيا، حيث اشتد القتال في الأسابيع الأخيرة، رغم دعوات الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار للتعامل مع الوباء.
حليف أساسي
بالإضافة إلى هذين المسرحين الناريين بشكل خاص –كما تقول هالة قضماني- كثفت الإمارات في السنوات الأخيرة تدخلاتها في الأزمات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا، كدعمها السياسي والمالي الضخم “لدكتاتورية” عبد الفتاح السيسي في مصر منذ عام 2013، وضغوطها الشديدة على الجيش السوداني حتى لا يستسلم لمطالب الثورة المدنية، وتوريدها المعدات العسكرية إلى بلدان الساحل، إضافة إلى دورها في الحصار المفروض على دولة قطر المجاورة، وإعادة تأسيس العلاقات مؤخرا مع نظام بشار الأسد في سوريا.
هذه بعض الأمثلة على النشاط الإماراتي الشامل –كما تقول الكاتبة- بعد أن أعلنت إستراتيجية معادية للجهاديين والإسلاميين، وقبل كل شيء معادية للديمقراطية، مما يقودها غالبا إلى حملات عدائية.
وبتعبئة وسائله المالية غير المحدودة وقدراته العسكرية الكبيرة وتحالفاته مع القوى العظمى؛ يريد هذا البلد -الذي يبلغ عدد سكانه 9.6 ملايين نسمة، ولا يتجاوز المواطنون فيه مليون نسمة- أن يؤكد نفسه كلاعب أساسي بين عظماء هذا العالم.
وفي تغريدة له، يقول محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي ورجل الإمارات القوي، “خلال مكالمة هاتفية مع صديقي إيمانويل ماكرون ناقشنا علاقتنا الثنائية الإستراتيجية، وتعاوننا الاقتصادي في مختلف القطاعات ذات الأولوية المتبادلة، وكذلك تبادل مواردنا وخبراتنا في مواجهة جائحة كوفيد-19 العالمية”. وذلك للتذكير بقربه من الرئيس الفرنسي والشراكة الإستراتيجية بين بلاده وفرنسا.
وأصبحت أبو ظبي بالفعل الحليف الأساسي لباريس في الشرق الأوسط، منذ تأسيسها عام 2009 قاعدة مشتركة لتحل محل القاعدة الفرنسية التاريخية في جيبوتي، وتربط بينهما اتفاقية للدفاع الملزم منذ عام 2012، إضافة إلى المصالح الاقتصادية المتبادلة الكبيرة.
دعم وفشل
وذكرت وسائل الإعلام الإماراتية أنه محمد بن زايد وإيمانويل ماكرون ناقشا آخر التطورات في الأزمات الإقليمية في 18 أفريل الماضي، وذلك في وقت عانى فيه حليفهم المشترك في ليبيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر من نكسة عسكرية كبيرة، عندما فقد حفتر المدعوم بشكل كبير من الإمارات ومصر وروسيا، ومن فرنسا بصراحة أقل؛ قاعدة جوية إستراتيجية بالقرب من طرابلس.
ومع أن هذا لم يكن الفشل الأول لقوات حفتر في حملته التي انطلقت منذ أكثر من عام لغزو عاصمة بلاده طرابلس، فإن موقف داعمه ضعف –حسب الكاتبة- أكثر منذ بداية العام، مع دخول تركيا الأراضي الليبية إلى جانب حكومة الوفاق الوطني في المعسكر المضاد.
وقالت دينا إسفندياري، من مركز أبحاث مقره نيويورك، وطالبة دكتوراه في كلية كينغز كوليدج في لندن، إن “الانخراط في ليبيا فرصة للإمارات لإظهار نفوذها بعيدا عن الوطن، لأن وجودها في مكان لم يسبق لها دخوله يعد وسيلة لإظهار قوتها الدولية”.
والواقع أن الاستثمار السياسي والعسكري المتنامي لدولة الإمارات في الحرب الليبية منذ عام 2015 جعلها –كما ترى الكاتبة- تظهر كقوة دافعة رئيسية للجهات الخارجية الأخرى التي تعاقدت على مناهضة حكومة الوفاق الوطني، التي يهيمن عليها الإخوان المسلمون بالنسبة لهم، وعلى دعم اللواء المتمرد حفتر بشراسة وسخاء، رغم أدائه الضعيف على الأرض.
جهود منسوفة
ونسف هذا الحلف جهود الأمم المتحدة في الوساطة وحظر توريد الأسلحة للأطراف الليبية، ولم يتوقف عن تزويد حليفه بالأسلحة والمعدات، بل والتدخل بالطيران لقصف مواقع الخصوم، وحتى تأجير خدمات العديد من المرتزقة لمساعدته.
وهكذا، تقول الكاتبة، تم تجنيد عشرات الشباب السودانيين عن طريق الإعلان في الصحافة في بلادهم من قبل شركة “بلاك شيلد” الإماراتية الخاصة عن الحاجة إلى حراس أمن في الخليج، وبمجرد وصولهم تلقى العديد منهم تدريبات عسكرية، قبل إرسالهم لليبيا لحراسة حقول النفط التي يسيطر عليها حفتر، وهو ما شاع عندما تظاهرت عائلاتهم أمام سفارة الإمارات في الخرطوم، حاملين لافتات تقول “أبناؤنا ليسوا للبيع”، و”نحن لسنا مرتزقة”.
ممارسات منظمة
وأوضحت الكاتبة أن استخدام جنود للإيجار وشركات عسكرية خاصة أصبح ممارسة منظمة من قبل الإمارات في مشاريعها الحربية، لضرورة التعويض عن نقص الرجال والمهارات بسبب قلة عدد السكان.
وأشارت إلى أن محمد بن زايد منذ عام 2010 دأب بشكل منتظم على الاستعانة بخبرات وخدمات “بلاك ووتر”، لتنفيذ الإستراتيجية العسكرية المناسبة لبلاده.
ففي اليمن، حيث بدأ وباء كوفيد-19 في التأثير على السكان المعوزين والضعفاء، يشتعل القتال الشرس بين قوات الحكومة المعترف بها دوليا مع الانفصاليين الجنوبيين الذين تمولهم الإمارات وتسلحهم لأغراضها الأمنية الخاصة، تاركة حلفاءها السعوديين في المستنقع، كما تلاحظ الكاتبة.
وخلصت دينا أسفندياري إلى أن الإمارات دمجت في إستراتيجيتها فكرة العمل من خلال الوكلاء التي تتبناها إيران ودول الخليج، و”الهدف بالنسبة لها هو أولا هزيمة التيارات الإسلامية، وثانيا احتواء إيران، وثالثا زيادة نفوذها في جميع أنحاء العالم”.
المصدر : (الجزيرة نت)