محلل ليبي: رهان تونس على الحياد في الشأن الليبي خدمة لـ “محور الشرّ” بقيادة الإمارات وفرنسا
الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
قال المحلل السياسي الليبي، فيصل الشريف، إن الديمقراطية الوليدة في الدولة الجارة، تونس، مستهدفة من قبل “محور الشر” المعادي للربيع العربي بقيادة دولة الإمارات، محذرا من مساعي هذا المحور لتحويل تونس إلى دولة فاشلة، وتحميل تيار الإسلام السياسي فيها المسؤولية.
وأضاف الشريف في حوار صحفي، أن الموقف التونسي الرسمي “يعترف بالحكومة الشرعية الليبية المعترف بها دوليًا، وهذا يستلزم بالطبيعة مباركة دحر السلطة الشرعية لأي انقلابات عليها، مشددا أنه من غير الطبيعي الاصطفاف إلى معسكرات الحياد والمساواة بين الشرعية والانقلاب، لكون الانقلاب العسكري، يمثل الخطر الإستراتيجي على تونس بالدرجة الأولى، قبل غيرها”.
ولفت إلى أن “تونس ستكون هي أول من ينكوي بنار نجاح أي انقلاب عسكري في ليبيا لا قدر الله، ذلك لأنه يراد لليبيا أن تكون حلقة في سلسلة قتل الربيع العربي وضرب الديمقراطيات العربية الوليدة في مقتل”.
اصطفاف مع محور الشر
وحول موقف رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي ومباركته التطورات الأخيرة في ليبيا، شدد الشريف قائلا: “دعم تونس للدولة المدنية، ومباركة انتصارات الوفاق في ليبيا، إنما هي إعلانٌ عن دعم الديمقراطية في تونس، ورفض الانقلابات العسكرية والحكم الشمولي، الذي يراد له أن يطيح بثورات الربيع العربي، التي أطاحت بالدكتاتورية”.
وكانت أربع كتل نيابية في البرلمان التونسي أصدرت الخميس بيانا استنكرت فيه التهنئة التي تقدم بها الغنوشي للسراج عبر اتصال هاتفي قبل أيام، ووصفت ما قام به الغنوشي بأنه “تدخل في السياسة الخارجية للبلاد، وإقحام لتونس في نزاعات داخلية لبعض الدول”. وأعربت الكتل الأربع عن رفضها لإقحام تونس في صراعات المحاور الإقليمية، مضيفة أن “هذا الاتجاه يتناقض مع المواقف الرسمية للدولة التونسية”.
وأضاف: “من ينكرون على الغنوشي مباركة انتصارات الوفاق على الانقلابي حفتر، هم يقولونها واضحة بأنهم مع العسكر ضد الديمقراطية، ولقد رأينا زيارة بعض رؤساء أحزاب تونسية لحفتر في الرجمة، في المقابل ويرحبون بزيارة حكام الإمارات، مقابل اعتراضهم على زيارة الرئيس التركي لتونس، وكل ذلك يُبرز بجلاء مواقف لا علاقة لها بالسياسة والمصلحة التونسية، بل هي تشير لتموقع واصطفاف لمشروع التحالف لمحور الشر المناهض للربيع العربي”.
وشدد الشريف على أنه لا يستطيع أحد أن ينأى بدول الجوار عن التفاعلات التي تحدث في ليبيا، سلبًا وإيجابًا، وسواء على الصعيد الجيو سياسي والجيو اقتصادي والأمني، هناك انعكاسات ارتدادية ستكون الدول المجاورة لليبيا مسرحًا لها.
واستطرد الشريف: “تونس لها خصوصية، فهي دولة تشهد محاولة للنجاة بالديمقراطية الوليدة التي تتنازعها التأثيرات الإقليمية والدولية، وفي منظوري هناك إصرار من الدول المضادة للربيع العربي، بشراكة مع دول ذات أطماع، تصر على الإطاحة بالتجربة الديمقراطية في كل دول الربيع العربي”.
وفي السياق ذاته، أضاف: “نرى تلك الدول بشكل واضح في البعد الإقليمي متمثلةً في الإمارات، وهي البنك الممول، والسعودية ومصر إضافةً لفرنسا التي لها أطماع اقتصادية تتعلق بكل أفريقيا، وروسيا التي تحاول أن تجعل من ليبيا ورقة لها تمنحها قوة التفاوض في مكانات ساخنة أخرى مع الاتحاد الأوروبي وأمريكيا، وحتى تركيا في الحالة السورية تحديدًا”.
دولة فاشلة
وحذر الشريف من مساعي لجعل تونس “دولة فاشلة” وتحميل ذلك الفشل للتيار السياسي الإسلامي “والذي رأينا بقيادة الغنوشي كيف عمل على نظرية التوافق، وتنازل من أجل تفادي تيار بقايا حزب بن علي وكل التيارات التي تتلقى الدعم من الإمارات وفرنسا والتي تحاول أن القفز على الديمقراطية وإفرازاتها من أجل الولوج للفوضى وتهيئة الأجواء لانقلاب عسكري يطيح بالديمقراطية على غرار ما حدث في مصر”.
وذكّر الشريف بتقارير تحدثت سابقًا عن محاولة انقلاب تورط فيها وزير الداخلية التونسي السابق مع شبكة مساندة تدعمها الإمارات، مشددا على أن هذه المحاولة “تجعلنا نتتبع الأحداث السياسية في تونس لنصل إلى قناعة أن هناك أيدي خفية مصرة على العبث بتونس تحت ذريعة التخلص من الإسلام السياسي الذي وصل للحكم بالديمقراطية مع غيره من الأحزاب الأخرى”.
وحول النقطة ذاتها قال: “التجربة الديمقراطية في تونس لا تقنع الإمارات والسعودية ومصر وكذلك فرنسا التي لها الأيادي الطولى في تونس، والتي تظل الرقم الأصعب في دهاليز العمق السياسي وحتى الأمني داخل تونس، وشخصيًّا أرى أن ليبيا ما هي إلا حلقة في سلسلة يراد من خلالها قتل الربيع العربي، وضرب الديمقراطيات العربية الوليدة في مقتل”.
واستطرد: ” ستستعمل الإمارات ومصر وبقية الدول المتورطة في دعم حفتر، إمكانيات ليبيا في إجهاض أولى محطات الربيع العربي، والإجهاز عليها وتحويل تونس أيضًا إلى مقاطعة للانقلاب العسكري المتخلف، الذي أخر المنطقة لعشرات السنين عن ركب التقدم”.
الدكتاتورية في شمال أفريقيا
وفي السياق نفسه أضاف المحلل السياسي الليبي: “ولا ننسى كذلك المقطع الشهير الذي يظهر فيه حفتر وهو يقول في حوارية أجرتها معه فرنسا 24 بأنه تمكن من أسر عناصر من تنظيم الدولة، وقام بإطلاق سراحهم على حدود تونس وما يتركه ذلك الأمر من تساؤلات لا نهاية لها، وهو ما لم تعقب عليه الأحزاب المؤيدة لحفتر من خلال الاصطفاف لمعسكر نظام أبو ظبي”.
وختم الشريف بالقول: “كل الأكاذيب التي يدعيها المطبلون لحكم العسكر من أتباع الإمارات وفرنسا في تونس إنما هي مجرد امتداد لمشروع استعادة الدكتاتورية لشمال أفريقيا والمغرب العربي بشماعات محاربة الإرهاب، وباستحضار الخطاب الديني المدخلي المخابراتي، الذي تموله السعودية وغير ذلك من الأساليب التي لازالت تلجأ إليها الدول المنخرطة في تمويل المجرم حفتر، من أجل تحقيق حلمها في مشروع صرفت عليه مليارات الدولارات، لكنه سيتحطم على صخرة إرادة الشعب الليبي”.