دراسة جديدة تؤكد: تقلصت ميزانية الإشهار.. فتراجعت مداخيل وسائل الإعلام
الرأي الجديد / سندس عطية
لم يكن قطاع الإشهار في شهر رمضان، بمنأى عن التأثر بتداعيات جائحة “كورونا” التي أتت ــ والحق يقال ــ على الأخضر في القطاع الاشهاري، وبالتالي على قطاع الإعلام، بجميع تمظهراته: السمعي والبصري والورقي والإلكتروني.
وسجّلت تلفزيونات، وإذاعات وصحف ورقية وإلكترونية، خسارة كبرى في مداخيلها من الإشهار، ما انعكس سلبا على مستوى نفقاتها، بحيث دخل أغلبها في أزمات مالية معقدة خلال الاشهر الثلاثة الماضية، أي منذ بداية انتشار فيروس كورونا في تونس، واتخاذ الحكومة قرار الحجر الصحي الشامل وحظر الجولان في البلاد.
وهو الذي تغلب عليه مساوئ التخمة والجشع والانفلات في الشهر المبارك. ومن المؤكد وفق العديد من التقييمات انه خسر قسما هاما من زخم معاملاته في موسم يشكل بالنسبة لهذا القطاع موسم الذروة في إنفاق الشركات ميزانيات التواصل والإشهار، لكن هذا العام تراجعت ميزانيته بشكل كبير.
دراسة جديدة هامة
هذه المعطيات ليست وجهة نظر أو حيثيات انطباعية، بل أكدتها دراسة جديدة، أنجزها مكتب متخصص في التقييمات الإحصائية والتسويق يهتمّ بمنطقة المغرب العربي، وتتناول هذه الدراسة، الاستثمارات الإشهارية بجميع وسائل الإعلام في شهر رمضان المعظم.
وكشفت الدراسة الصادرة اليوم، أن العمليات الإشهارية، سجلت تراجعا لافتا قدّر بنسبة الثلث مقارنة بالعام الماضي.
ولم تسلم أية وسيلة إعلامية، وفق هذه الدراسة، من إذاعة وتلفزيون، أو لوحات إعلانية وملصقات، أو صحافة، أو مواقع إلكترونية، من المنحنى السلبي لاستثمارات الإشهار خلال بداية هذا الشهر.
وسجّلت الدراسة، تضرر الإذاعات بشكل أكبر، من تراجع استثمارات الإشهار هذا العام بنسبة 50%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، وسجل العالم الرقمي انخفاضًا بنسبة
-45%، والتلفزيون بنسبة -35%، والصحافة بنسبة -33%، أما الملصقات فانخفضت بنسبة -25%، في حين توقفت السينما تماما عن العمل، بسبب توقف عمليات التصوير نتيجة أزمة فيروس “كورونا”.
ويعتبر شهر رمضان، أهم فترة تشهد ارتفاع الطلب على الإعلانات، غير أنه هذا العام، العكس هو الذي حصل، إذ كانت المادّة الإشهارية الأضعف خلال السنوات الخمس الماضية على الأقلّ..
ووفق بعض الإحصاءات الرسمية، وبشكل تقاطعي فيما يتعلق بالأرقام والمعطيات، فإنّ معدل إيرادات الإشهار التي تحصل عليها مختلف وسائل الإعلام التونسية في شهر رمضان، يناهز نحو 150 مليارا، وذلك استنادا إلى بيانات إحصائية ومالية متقاطعة.
تخمة الومضات الاشهارية
ذات البيانات، تظهر أن عدد الومضات الإشهارية، يصل إلى حد التخمة.. فقد بلغ نحو 325 ومضة يوميا، دون اعتبار التمريرات المختصرة التي لا تقطع البرمجة، وهو رقم يعادل 3 ساعات و10 دقائق. وتصل ذروة الضغط بين الساعة 19 و 22 دقيقة، الذي يحصل فيه، ثلث وقت بث الإشهار.
ويغطي الإشهار، حوالي 170 خدمة ومنتوج، فيما تستحوذ 3 قطاعات على ثلثي زمن البث، وهي قطاعات الصناعات الغذائية والاتصالات والتعليم الخاص والتكوين.
وتبلغ نسبة حضور الإناث في الإشهار، 88% مع وجود الشخصيات العامة والمشاهير في حدود نسبة تناهز 18%.
واعتبرت الدراسة، الأولى من نوعها في المغرب العربي، ومنها تونس، أنّه في مستوى، مضمون الإشهار، يجري تركيز الصورة النمطية للفئة الاجتماعية المروّج لها، على الفئة الغنية، وذلك في ظل شبه غياب للغة العربية الفصحى في المضمون الإعلاني.
التشتت التشريعي.. والتجاوزات
يذكر أن المشهد الإعلامي، يُعاني من تشتت كبير للأحكام القانونية لقطاع الإشهار ككل، بين النصوص والجهات المتدخلة، وفقدانه التنظيم المحكم والشفافية..
وهو ما يفسّر التجاوزات في هذا القطاع، التي يتمحور جلها حول بلوغ نسبة الإشهار في المعدل 25 دقيقة في الساعة الواحدة، بدلا من 8 دقائق، ووصول عدد الحصص الاشهارية، إلى 3 حصص في الساعة الواحدة، وتمثيل حيز الإشهار نحو 16% من زمن المسلسلات.
فيما يشير خبراء وهياكل الرقابة في المهنة الصحفية، أنّ من بين التجاوزات الخطيرة، ذات العلاقة بمضمون الإشهار، الحضور المكثف للأطفال خاصة في الإشهار الغذائي، وغياب الفصل بين الرسائل الإشهارية وبقية البرامج، وعدم الإعلان عن بداية الإشهار ونهايته، وخضوع العملية الإشهارية إلى العلاقة بين صاحب المؤسسة الإعلامية والإنتاجية في غياب آليات مهنية منظمة لها.