“الهايكا”: مبادرة “ائتلاف الكرامة” غير دستورية ويمكن أن تنسف التجربة الديمقراطية في تونس
الرأي الجديد (متابعات)
قالت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، أن المبادرة التشريعية التي تقدم بها “ائتلاف الكرامة”، المتعلقة تجديد تركيبة الهيئة عبر تنظيم انتخابات من قبل مجلس نواب الشعب وإضافة فصل يتعلق بإلغاء صلاحية إسناد إجازات إحداث واستغلال قنوات تلفزية وإذاعية وإخضاعها لنظام التصريح، تتعارض مع نص الدستور.
وقالت الهيئة، في بلاغ لها اليوم الثلاثاء، أن هذه المبادرة، “تخفي نوايا بعض الأحزاب الرامية لوضع اليد على قطاع الإعلام، من خلال إخضاع الهيئة التعديلية المستقلة للمحاصصة الحزبية ولسيطرة مراكز النفوذ الخفية”.
وأضافت هيئة الاتصال السمعي البصري، بأن “تزامن هذه المبادرة مع التصريحات الرسمية للسلط العمومية بوجوب تنفيذ القوانين على القنوات التلفزية والإذاعية الرافضة لاحترام قرارات الهيئة، يؤكد أن المبادرة تسعى لبلوغ أهداف تتنافى والمصلحة العامة وتتعارض بشكل صريح مع واجبات النائب والتزاماته الدستورية، خاصة وأنها تصب في خدمة مصالح غير مشروعة وغير شرعية لفائدة جهات سياسية”، وفق نص البلاغ.
ودعت “الهايكا”، كتل البرلمان إلى النأي بأنفسهم “عن المبادرات المخالفة للدستور ومشبوهة التبرير وخفية الأهداف والحرص على المحافظة على ما تحقق إلى حد الآن في مجال الحقوق والحريات”، محذرة من مضمون هذه المبادرة التشريعية التي قالت أنها “يمكن أن تنسف مستقبل التجربة الديمقراطية في تونس”.
وجددت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، التذكير بأن سن قانون أساسي يتعلق بحرّية الاتصال السمعي البصري هو مطلبها الملح منذ أن انكبت بالتعاون مع مختلف الفاعلين في القطاع والأطراف المتدخلة فيه على إعداد مشروع قانون متكامل يضمن حرية الاتصال السمعي البصري.
وفي ما يلي نص البلاغ:
إن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، وبعد اطلاعها على المبادرة التشريعية التي تقدمت بها كتلة “ائتلاف الكرامة” بمجلس نواب الشعب بتاريخ 4 ماي 2020 بهدف تنقيح بعض فصول المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المنظم لحريّة الاتصال السمعي والبصري، والمتعلقة أساسا بتجديد تركيبة الهيئة عبر تنظيم انتخابات من قبل مجلس نواب الشعب وإضافة فصل يتعلق بإلغاء صلاحية إسناد إجازات إحداث واستغلال قنوات تلفزية وإذاعية وإخضاعها لنظام التصريح،
يهمها التأكيد على ما يلي:
• إن هذه المبادرة تتعارض مع نص الدستور في الفصل 148 نقطة 8 منه، والذي ينص على أن “تواصل الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري القيام بمهامها إلى حين انتخاب هيئة الاتصال السمعي البصري”.
• إن اقتصار هذه المبادرة على تنقيح بعض فصول المرسوم هو تأكيد لنوازع المماطلة والتفصي من أحكام دستور 2014 الذي نص على ضرورة سن القوانين الأساسية تعويضا للمراسيم واستكمال بناء المؤسسات الضامنة لعلوية القانون وعلى رأسها المحكمة الدستورية والهيئات الدستورية المستقلة.
• إن الاكتفاء في هذه المبادرة بتنقيح بعض فصول المرسوم بغاية إعادة تركيبة مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري وطرق اختيارها عبر الانتخاب من قبل مجلس نواب الشعب بأغلبية مطلقة غير الأغلبية المعززة الدستورية بتعلة حلّ إشكال المدّة القانونية للهيئة، إضافة إلى الخيار الخطير بإلغاء نظام الإجازات الممنوحة لمنشآت الاتصال السمعي والبصري الخاضعة لكراسات الشروط وتعويضه بنظام التصريح، وإذ يعكس ظاهريا عدم إلمام أصحاب المبادرة بدور التعديل وبإشكاليات القطاع السمعي والبصري وقلة معرفتهم بخصوصياته وعدم وجود رؤية جدّية لديهم نحو مزيد حوكمة القطاع وتأمين شفافيته وتنوعه وتعدده، فإنه يخفي نوايا بعض الأحزاب الرامية لوضع اليد على قطاع الإعلام من خلال إخضاع الهيئة التعديلية المستقلة للمحاصصة الحزبية ولسيطرة مراكز النفوذ الخفية.
• إن تزامن هذه المبادرة مع التصريحات الرسمية للسلط العمومية بوجوب تنفيذ القوانين على القنوات التلفزية والإذاعية الرافضة لاحترام قرارات الهيئة، يؤكد أن للمبادرة تسعى لبلوغ أهداف تتنافى والمصلحة العامة وتتعارض بشكل صريح مع واجبات النائب والتزاماته الدستورية خاصة وأنها تصب في خدمة مصالح غير مشروعة وغير شرعية لفائدة جهات سياسية،
هذا، وتجدد الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري التذكير بأن سن قانون أساسي يتعلق بحرّية الاتصال السمعي البصري هو مطلبها الملح منذ أن انكبت بالتعاون مع مختلف الفاعلين في القطاع والأطراف المتدخلة فيه على إعداد مشروع قانون متكامل يضمن حرية الاتصال السمعي البصري ويستجيب لمبادئ الدستور وأهم المعايير الديمقراطية في مجال حوكمة الإعلام، وتنبه إلى أن إقدام مكتب المجلس على سحب المبادرة التشريعية، التي كان قد تم إيداعها خلال المدة النيابية المنقضية بتاريخ 03 جانفي 2018، دون مبرر ودون موجب قانوني إنما يحيل إلى محاولة فرض أمر واقع بدأت تتوضح معالمه من خلال هذه المبادرة.
وإذ تحذر الهيئة من مضمون هذه المبادرة التشريعية التي يمكن أن تنسف مستقبل التجربة الديمقراطية في تونس، فإنها تدعو كل أعضاء مجلس نواب الشعب ومختلف كتله إلى النأي بأنفسهم عن المبادرات المخالفة للدستور ومشبوهة التبرير وخفية الأهداف والحرص على المحافظة على ما تحقق إلى حد الآن في مجال الحقوق والحريات.
وتطالب الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري رئيس الجمهورية، بما له من صلاحيات ذات علاقة بالتدخل، لضبط الالتزام بأحكام الدستور، وتدعو رئيس الحكومة إلى الإسراع في تقديم المبادرة التشريعية الحكومية اعتبارا لما ورد في برنامجه من التزام باستكمال تركيز المؤسسات الدستورية،
وتدعو الهيئة كافة الهياكل النقابية والمهنية ومختلف مكونات المجتمع المدني إلى التصدي لمثل هذه المبادرات التشريعية المشبوهة التي تتعارض مع مبادئ الدستور ووضع قوانين أساسية لتعويض المراسيم.
هذا وتؤكد الهيئة أنها تضع على ذمة مجلس نواب الشعب كل خبراتها وتجاربها ومقترحاتها للتسريع في سن قانون أساسي متعلق بحرية الاتصال السمعي البصري وتركيز مجلس الهيئة الجديدة حسب ما يقتضيه الدستور.