عام على عدوان حفتر على ليبيا: موازين انقلبت.. ومعادلات تغيّرت
طرابلس (ليبيا) ــ الرأي الجديد (متابعات)
هجوم قوات اللواء الليبي، خليفة حفتر على العاصمة “طرابلس”، تحت شعار محاربة “الإرهاب والميليشيات”، يصل نحو عام كامل اليوم، الرابع من شهر أفريل الجاري.
غير أنّ هذا الهجوم لم يحقق شيئا، ما يطرح تساؤلات حول ما سببته هذه العملية العسكرية، من انقلاب في المشهد سياسيا وعسكريا..
وبعد عدة مؤتمرات تفاوضية آخرها في “الإمارات” فاجأ “حفتر” الجميع بشن هجوم مباغت على “طرابلس”، حيث مقر حكومة الوفاق ومؤسساتها وذلك خلال زيارة للأمين العام للأمم المتحدة، ما دفع قوات الحكومة للتمركز وترتيب صفوفها لتمتص الهجمة المباغتة وتشكل غرفة عمليات لمواجهة العدوان المفاجيء.
عام من العدوان
واستمر العدوان على العاصمة عاما كاملا تسبب في انهيار البنية التحتية لعدة مناطق ومقتل المئات من مدنيين وعسكريين وتشريد الآلاف، وبرغم محاولات أممية ودولية لوقف العدوان إلا أنها باءت جميعها بالفشل، لتعنت الجنرال العسكري وإصراره على احتلال العاصمة وطرد الحكومة.
وفي يوم ذكرى الهجوم، قال بيان للأمم المتحدة، إن هجوم قوات “حفتر” للسيطرة على طرابلس، نجم عنه نزاع لا طائل من ورائه، وأنه بدد آمال الكثير من الليبيين بتحقيق انتقال سياسي سلمي من خلال الملتقى الوطني، الذي كان يمكن أن يمهد السبيل لتوحيد مؤسسات البلاد”.
وبعد مرور عام على عدوانه: ماذا حقق “حفتر” من عمليته العسكرية؟وكيف غير الهجوم المشهد سياسيا وعسكريا؟.
وقال وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر إنه “بعد عام من الهجوم الغادر على العاصمة، ما يزال (حفتر) يتجرع الهزيمة تلو الهزيمة، وهو اليوم أضعف والمقاومة أقوى وأقدر على تحقيق النصر، وقد جاء هجومه على العاصمة في وقت كان الجميع ينتظر الحوار والسلام ولكن هجومه أفشل كل هذا”.
وأوضح في تصريحاته الإعلامية اليوم، أن “انتقاد الأمين العام للأمم المتحدة للعدوان الآن واعترافه بخطأ الهجوم على طرابلس جاء بعد أن تبين لهم أن “حفتر” مهزوما لا محالة، وأن للشعب الليبي أن يتعلم هذه المنظمة (الأمم المتحدة) وغيرها تمثل مصالح أخرى، وأن عليه أن يتكاتف لقهر أطماع تحالف الشر ضده، وبناء دولته المدنية على أسس متينة”، وفق تعبيره.
غياب التعاطف
لكن وزير الدفاع السابق والمقيم في الشرق الليبي، محمد البرغثي رأى أن “الهجوم لم ينجح في السيطرة التامة في الموعد المعلن له، سببه عدم نجاحه في تعاطف سكان “طرابلس”.
وأشار الوزير إلى أن “أغلب سكان العاصمة، اعتبروا أن الهجوم اعتداء غاشم على مدينتهم، تسبب في تهجيرهم، وأن تدخل قوى أجنبية هو أشر سلوكا من “الميليشيات” المسيطرة، أما الأمم المتحدة ومواقفها فهي لم تكن تتوقع أن يستمر الوضع أسوأ من قبل”.
وقال عضو مجلس الدولة الليبي، عادل كرموس من جهته، أن “هجوم “حفتر”، كان له الأثر الكبير في إنهاء أي عمل سياسي، سواء كان محليا أو دوليا، وأشهرها مؤتمر “غدامس”، الذي كان بتنسيق ودعم من بعثة الأمم المتحدة، والذي كنا نأمل من خلاله مشاركة كل الليبيين بدون إقصاء لأحد، في تعزيز الحل السلمي والتوافق على إنهاء المراحل الانتقالية”.
وأضاف: “وأمام تعنت من أعلن هذه الحرب، ليس هناك أي حل سلمي للأزمة إلا بالقضاء على هذا “الفيروس”، الذي أخذ من دماء الليبيين أكثر مما أخذه “كورونا” حول العالم”.
وأضاف أن المجتمع الدولي ما يزال يجامل ويتعامل مع هذا المجرم على أنه جزء من الحلّ، ويستدعيه على أنه طرف في أي حوار، لذا الرهان الآن على من هم في الجبهات، لصد هذا الاعتداء واستئصاله من جذوره”.
محاربة المليشيات
بدوره قال عضو البرلمان الليبي، جبريل أوحيدة والمقرب لـ”حفتر”، قال من جانبه إن “ما حدث في مثل هذا اليوم ليس إلا امتداد لمشروع مكافحة “الإرهاب” ومحاربة “المليشيات” للقضاء عليها بكافة انتماءاتها وعودة سيادة الدولة بناء على قرار مجلس النواب منذ 2014 وفق وصفه.
وأوضح أن “هناك أخطاء وتجاوزات وهفوات لهذا الهجوم لم ولن نبرره”، وصفا هجمات “حفتر” على العاصمة بأنها لـ”تحرير ليبيا من سطوة الميليشيات ولفساد” على حد تعبيره.
ورأى الناشط الحقوقي الليبي، محمود الوهج الزناتي أن “العدوان ساعد في توحيد الجبهة الداخلية في الغرب الليبي ضده، وأصبحت خلال عام تملك ما يملكه “حفتر” بسبب دعمه اللامحدود على مدى خمس سنوات من دول مثل: “فرنسا ومصر والإمارات والسعودية وروسيا وغيرها، هذا عسكريا”.
وتابع: “أما سياسيا، فالمشهد السياسي منذ اتفاق “الصخيرات” إلى هجوم “حفتر” كان مشهدا ضبابيا وخططت له بعض الدول من أجل سيطرة الجنرال الليبي على الحكم، وقد اتضح هذا المخطط للجميع، أما بخصوص الأمم المتحدة فمع كثرة الإخفاقات لها، فقد الليبيون ثقتهم فيها تماما”.
ثورة مضادة
الناشط من الغرب الليبي، عصام صوفية وصف ما حدث بأنه “عام من الدمار والتهجير والقتل لإرغام الناس على العودة إلى حكم الفرد والهجوم يقوده عسكري مدعوم من أنظمة عربية مستبدة لازالت تخشى نجاح ثورات الربيع العربي، مضيفا: ورغم ذلك لم يحقق أي شيء ولم يدخل إلى “طرابلس” بل بدأ يخسر حتى المواقع التي سيطر عليها في الماضي وخسائره كبيرة جدا في الأرواح والعتاد”، كما صرح.
وقالت الناشطة وإحدى المهجرات نتيجة العدوان على “طرابلس”، نور محمد إن “الشيء الوحيد الذي حققه عدوان “حفتر” هو تهجير الآلاف من العائلات وتدمير البيوت والمؤسسات المدنية والمستشفيات والمساجد ووقف الدراسة بعد قصفه للمدارس”.
وأضافت: “حتى الآن لم يحقق هذا المجرم حلمه لكنه دمر أحلام آلاف ودمر الاقتصاد من خلال تدميره للمطارات وغلق حقول النفط وجعل الكل يعاني في العاصمة ماديا ومعنويا”.
وأضافت أن المجتمع الدولي فهو حتى الآن يغض الطرف عن هذه الجرائم ولم يفعل لنا شيئا، لكن قوات الوفاق أصبحت الأقوى والمسيطرة على الوضع وهو ما يؤكد فشل مشروع : “حفتر وداعميه”، كما رأت.