صحيفة بريطانية تتساءل: كيف غيّر فيروس “كورونا” العبادة في الشرق الأوسط ؟
لندن ــ الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
نشرت مجلة “إيكونوميست” البريطانية تقريرا في عددها الأخير، تحت عنوان “كيف تغيرت الصلاة بسبب فيروس كورونا؟”، تتحدث فيه عن تأثير فيروس “كورونا” على أداء العبادة.
ويشير التقرير، إلى أن “الآذان ظل منذ قرون ملمحا لم يتغير من الحياة في العالم العربي، ففي الحرب والسلام والرخاء والجوع تتردد الكلمات ذاتها في المدن والبلدات، خمس مرات يوميا، وفي وسط الأذان تأتي الدعوة التي تحث على الصلاة، وفي 13 مارس، قال مؤذن في الكويت بصوت متهدج مليء بالعاطفة: (صلوا في بيوتكم) بدلا من نداء (حي على الصلاة)”.
وتقول المجلة، إن “كلام الآذان لم يكن قابلا للتعديل لولا كوفيد-19، فلم يربك الفيروس الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط كله فقط، بل إنه غير أشكال العبادة أيضا”.
ويستدرك التقرير بأنه “رغم وجود سوابق تاريخية لإلغاء الصلاة في المساجد، فطلب أحد أعمام النبي محمد من أتباعه البقاء في بيوتهم بسبب الظروف الجوية السيئة، إلا أن الكويتيين يقولون إن هذه هي المرة الأولى التي تتوقف فيها إقامة الصلاة في المساجد في تاريخهم الحديث”.
ويلفت التقرير إلى أن “دولا أخرى قلدت ما فعلته الكويت، ففي البداية حددت مصر صلاة الجمعة بربع ساعة، ثم أصدر الأزهر، وهو أكبر مرجعية سنية في العالم الإسلامي، مرسوما قضى بتعطيل إقامة الصلاة في المساجد لمنع انتشار الفيروس، وأوقفت الإمارات العربية المتحدة الصلوات في المساجد في 18 مارس، فيما أغلق المسجد الأقصى لأجل غير محدد، مع أن البعض ما يزال يتجمع في ساحاته”، أما تونس، فقد عطلت صلاة الجماعة وصلاة الجمعة منذ يوم 17 مارس الجاري.
المسجد الحرام.. المقارنة
وتجد المجلة أن “المشهد يبدو أكثر إثارة في مكة، وهي المركز الروحي للعالم الإسلامي، ففي الأوقات العادية كان المسجد يزدحم فوق طاقته ليلا ونهارا بالبشر، حيث يطوف الآلاف حول الكعبة، التي تعد من أقدس الأماكن في الإسلام.
ففي 4 مارس علقت السلطات أداء مناسك العمرة، وتبادل السعوديون المصعوقون، صورا للحرم وساحته الرخامية الفارغة، التي تلمع تحت أشعة الشمس باستثناء بعض العمال الذين يقومون برش المواد المطهرة في ساحاته، ولم ير الشباب السعودي المسجد الحرام فارغا أبدا، أما الكبار في السنّ، فقارنوا حال المسجد اليوم باحتلال جماعة جهيمان العتيبي المسجد لمدة أسبوعين عام 1979”.
ويفيد التقرير بأن “الحكومة السعودية لم تقرر بعد ما ستفعله مع موسم الحج، الذي سيحل في نهاية شهر جويلية، وسيكون إلغاء الحج هذا العام بمنزلة ضربة روحية ومالية: فالحج يجذب ملايين الناس، ويسهم بـ 10 مليارات دولار للاقتصاد السعودي، ويعد المصدر الثاني للدخل في المملكة بعد النفط”.
وتذكر المجلة أن “الكنيسة القبطية في مصر قررت تعليق معظم النشاطات، وبدلا من عقد قداس كبير، فإنها قررت عقد أكثر من واحد صغير لتحديد عدد المشاركين. أما الكنيسة المارونية في لبنان، فأمرت القساوسة بمنح المصلين رقائق بسكويت بدلا من وضعها على ألسنتهم، وتم استبدال الماء المقدس بالمطهر. وخلا الحائط الغربي في القدس، الذي يصلي فيه اليهود، من المصلين، ودعا الحاخامات اليهود لتجنب تقبيل حجارته”.
وضع إيراني متأزم
ويستدرك التقرير بأن “إيران ظلت الاستثناء، مع أنها ثالث دولة في العالم من ناحية انتشار الوباء وعدد الوفيات والإصابات، ورفضت على مدى أسابيع إغلاق المزارات في قم المقدسة، التي كانت مركز انتشاره، وعندما قامت السلطات في 16 مارس بإغلاق عدد من المزارات، قامت مجموعة صغيرة غاضبة باقتحام المزار وفتحه. وفي بلدة عجلتون من محافظة كسروان اللبنانية، تم وقف قداس بسبب شكوى المصلين من تغيير طريقة الصلاة”.
وتختم “إيكونوميست” تقريرها بالقول، إن “الكثيرين تلقوا هذه التغييرات بنوع من الاتزان، فيما وجد فيها البعض مجالا للتسلية في منطقة لا يوجد فيها عقد اجتماعي، وتعودت على المصافحة والتقبيل، باستثناء المحافظين المسلمين الذين يتجنبون مصافحة النساء، لهذا كانت طريقة المصافحة الجديدة من لمس المرافق، أو وضع اليد على القلب، أو تحريك الرأس للأمام قليلا، هي مدعاة لعدم الارتياح والتسلية، ومع ذلك لم يتغير كل شيء في المنطقة”.