موجة الرفض لقانون “حماية الأمنيين” تتصاعد.. منظمات تونسية تنتقد وتعارض
تونس ــ الرأي الجديد / حمدي بالناجح
عبرت منظمات وطنية عديدة، عن رفضها لمشروع قانون زجر الاعتداء على الأمنيين، الذي يناقش حاليا داخل لجنة التشريع العام في البرلمان، باعتباره ينتهك الحقوق والحريات، مطالبين بسحبه.
وبين الاتحاد العام التونسي للشغل، خلال جلسات الاستماع التي نظمتها اللجنة، أن مطالبة الأمنيين بحمايتهم ودعمهم هو حق مشروع وواجب محمول على الدولة، غير أن مشروع القانون المعروض “قاصر عن تحقيق هذه الحماية وهذا الدعم المنشود، لما تضمنه من نقائص وهنات أهمها التضارب الكبير والصارخ مع أحكام الدستور فيما يتعلق بالحريات العامة والخاصة، مع المبالغة و الإجحاف في استعمال القوة ضد المعتدين”.
واعتبر الاتحاد، أن هذا القصور، “سيزيد في تدعيم الهوة بين الأمني والمواطن، في وقت تسعى فيه المجموعة الوطنية إلى التصالح و التعايش في ظل أمن جمهوري محايد”، وفق قوله.
كما أوضح ممثلوا الإتحاد خلال جلسة الاستماع، أن ما يحتويه مشروع القانون من مصطلحات “غامضة” و”فضفاضة” تحتمل عديد التأويلات، يعدّ خطيرا، وهو ما يطلق للسلطة الأمنية استعمالها، وفق تأويلها الخاص.
ودعا الاتحاد إلى إعادة صياغة هذا المشروع “بشكل تشاركي، بما يسمح بتوفير الحماية المطلوبة للأمنيين والقوات الحاملة للسلاح، دون المساس بالحقوق والحريات التي ناضل من أجلها الشعب”.
من جهتها، عبرت نقابة الصحفيين التونسيين، عن رفضها الشديد لهذا المشروع، داعية إلى سحبه لما يمثله “من خطر كبير على الحقوق والحريات، ومن محاولة لإعادة الدكتاتورية والإستبداد، التي تجسمت في أغلب فصوله، التي احتوت على عديد الأحكام التي تقيد حرية الصحافة والإعلام والحق في التجمهر و التظاهر السلميين”.
وقالت النقابة، أن هذا القانون منح صلاحيات واسعة للأمنيين في استعمال القوة والسلطة الممنوحة لهم، دون احترام للإجراءات القانونية والمواثيق الدولية فيما يتعلق باستعمال السلاح، وفق تعبيرها.
وأكّد ممثلو نقابة الصحفيين، أن هذا المشروع “خطير على الديمقراطية”، وأنه لا حاجة ولا جدوى من سنّ قانون خاص، كما أنه يمكن الإكتفاء بالنصوص القانونية السارية المفعولة التي توفر الحماية للأمنيين.
بدورهم، أكد ممثلو الهيئة الوطنية للمحامين، خلال جلسة الاستماع مع لجنة التشريع العام، خطورة مشروع القانون المعروض، وذلك لخرقه للمبادئ الدستورية والقانونية ولإلتزامات تونس الدولية، فيما يتعلق بالحقوق والحريات ومبادئ التناسب بين الفعل الإجرامي والعقوبة المستوجبة، بالإضافة إلى مبدأ المساواة بين الأفراد “تبعا لما منحه للأمنيون والقوات الحاملة للسلاح من امتيازات وصلاحيات، تصل إلى حد الحصانة، وتجعل منهم فئة فوق القانون”.
ودعت هيئة المحامين، إلى عدم المصادقة على هذا القانون، والإكتفاء بما ورد ضمن المنظومة القانونية من نصوص تدعم وتوفر الحماية للأمنيين، كما قدموا مقترحا للتركيز على سنّ نصوص قانونية تهتم بالجوانب المهنية والإجتماعية والمعاشية لرجال الأمن، التي تعتريها عديد النقائص والسلبيات.
أما ممثلو جمعية القضاة التونسيين، فقد عبروا عن استغرابهم من التمسك بمثل هذا المشروع “الذي لا يعبر محتواه عن الأهداف التي وضع من أجلها”، وفق قولهم.
وبينت جمعية القضاة، “طغيان الجانب الزجري بصفة مجحفة ومبالغ فيها، على الجانب الحمائي المنشود والمراد تحقيقه لفائدة الأمنيين”.
كما أكّد ممثلو الجمعية، أن هذا القانون “فئوي وقطاعي” يخرق مبدأ المساواة بين المواطنين، لما يفرده من امتيازات خاصة لفئة معينة دون غيرها من الفئات الأخرى.
وتساءلت ممثلة جمعية القضاة التونسيين، عن الجدوى من وضع نص خاص و”الحال أن التشريع التونسي يحتوي على عديد النصوص القانونية، التي يمكن اعتمادها لتوفير الحماية للأمنيين والقوات الحاملة للسلاح”.
كما أشار ممثلو الجمعية، إلى خرق مشروع القانون لأحكام الدستور المتصلة بالحقوق والحريات، مؤكدين خطورة ذلك في غياب المحكمة الدستورية، بالإضافة “إلى ما سيحدثه من ضرب وتعطيل لمسار العدالة الإنتقالية ومكافحة الفساد، لما ورد بمشروع القانون من أحكام تعفي الأمنيين من المساءلة الجزائية ومن المحاكمة”.
من جهتهم عبّر نواب لجنة التشريع العام، عن موافقتهم لانتقادات المنظمات والجمعيات الوطنية، وتحفظاتهم حول مشروع القانون المعروض.
واعتبر النواب، أن هذا القانون لا يمت بصلة إلى تحقيق الدعم وتوفير الحماية اللازمة للأمنيين وتحسين ظروفهم المعاشية والإجتماعية، بقدر ما يسعى إلى التضييق على الحريات ومجالات حقوق الإنسان، ولا يمكن بحال من الأحوال، المصادقة عليه وتبني أحكامه في صيغته المعروضة.