(خاص) رئيس رابطة التونسيين بإيطاليا لــ “الرأي الجديد”: إيطاليا ستعلن عن حالة الطوارئ القصوى ومنع الجولان بسبب “كورونا”
روما ــ الرأي الجديد / صالح عطية
كشف رضا المشرقي، رئيس رابطة جمعيات التونسيين بإيطاليا، أنّ إيطاليا تعيش مرحلة “حرجة وصعبة لم تشهد مثيلا لها، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية”.
وأوضح المشرقي في تصريح خص به “الرأي الجديد” من إيطاليا، أن السلطات الايطالية، انطلقت منذ يوم أمس، بالعمل بالمرسوم الحكومي، الذي يفرض على أي مواطن يرغب في التنقل، تبرير ذلك لدى رجال الأمن كتابيا: من أين خرجت؟ وأين أنت ذاهب؟ ولماذا؟ وما هي السبل التي تنوي اتباعها؟
اجتياح واسع وضخم
ولفت محدّثنا إلى أنّ إيطاليا، بلد الموضة والسياحة والبيتزا، يهيمن عليها اليوم، الحديث عن وباء “كورونا فيروس”، الذي اجتاح معظم مقاطعاتها، من شمالها إلى جنوبها، حيث يسأل الناس عن سبل التوقي منه وكيفية إيقافه.
وسجلت إيطاليا أول إصابة بالفيروس، يوم 20 فيفري المنقضي، وقال المشرقي، أنّ الإصابة لقيت تجاهلا من الحكومة، التي تعاملت معها كما تتعامل مع أي مرض عارض، ولم يكن يدر بخلدها البتّة، أن الأمر سيفلت من يديها.
وخلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، أصدرت حكومة كونتي، 6 مراسيم وزارية بإجراءات تصعيدية، بغية حصر الوباء، كان أولها “إعلان بعض البلدات الصغيرة كمناطق حمراء يمنع الدخول والخروج منها وإليها”، ثم “تعليق الدراسة في لومباردية، ومنها “تعليق الدراسة وغلق المدارس والمعاهد والجامعات، و”وقف النشاطات الرياضية” و”غلق دور السينما والثقافة، وغيرها، قبل أن يتمّ توسيع المناطق الحمراء، بعد أن تضاعفت العدوى لأكثر من 5000 حالة، ووفاة أكثر من 250، فتحولت كامل مقاطعة لومباردية، و14 ولاية أخرى، إلى “منطقة حمراء”.
وأشار رئيس رابطة جمعيات التونسيين بإيطاليا، إلى أنّ هذه الإجراءات، “لم تمنع الوباء من التفشي، بل ضرب أهم ثلاث مقاطعات إيطالية، يسكنها أكثر من 16 مليون نسمة، وتساهم في 40% من الدخل القومي الخام، وهي لومبارديا، فينيتو وإيميليا رومانا، بحيث حوّلها إلى سجن كبير لا يمكن الدخول إليها، ولا الخروج منها”.
يذكر أنّه مع سرعة انتشار الفايروس، بدأت البلاد تعيش انكماشا اقتصاديا، حتى بلغ إلغاء الحجوزات بالفنادق، بين 30 و70%، وأصبحت حوالي 400 شركة صناعية، تعيش صعوبات اقتصادية، وأصبحت الشوارع شبه خالية من المارة.. كما تم شل المجال الجوّي مع أغلب البلدان الأوروبية، وحتى بعض الدول خارج الإتحاد الأوروبي.
ومعروف أنّ إيطاليا، تتمتع ببنية تحتية وتجهيزات جد متطورة، ولها أفضل الخدمات الصحية، التي لا يفرق فيها بين الغني والفقير، بين الصحة العمومية ونظيرتها الخاصة، فالكل يجد الاهتمام والرعاية الكبيرة.
حالة طوارئ قصوى
وقال رضا المشرقي، أنّ فونتانا، رئيس مقاطعة لومبارديا، التي تضم أكثر من 10 مليون نسمة، طالب أمس الحكومة المركزية، بإعلان حالة الطوارئ، ومنع الجولان بجميع أنواعه، وغلق المحلات التجارية لمدة أسبوعين مطلقا بذلك، صيحة فزع بعد أن تجاوز عدد المصابين الـ 10 آلاف، توفي منهم 631، أكثر من نصفهم في مقاطعة لومباردية.
وأعلن فونتانا، أن المؤسسات الصحية تشهد اكتظاظا لم تعرفه من قبل، ولم يعد بالإمكان إضافة أسرّة أخرى، بل حتى أجهزة التنفس نفذت. وأبدى الرجل استعداده، لتحويل معرض ميلانو الشهير، إلى مستشفى، إن رغبت الحكومة في توفير أجهزة التنفس والأسرّة مع طواقم صحية إضافية، حسب قوله.
ووفق تصريح رضا المشرقي، يُنتظر خلال الساعات القادمة، أن تعلن حكومة روما، حالة الطوارئ القصوى، ومنع الجولان لمدة لا تقل عن 10 أيام، حتى تستعيد البلد عافيتها، رغم ما لذلك من ضريبة اقتصادية، قد تجعل إيطاليا في أزمة خانقة.
وأشار في هذا السياق، إلى أنّ الــ 7,5 مليار أورو التي خصصتها الحكومة لهذا الوباء، لن تكون إلا قطرة في بحر، وسط طمع الحكومة الإيطالية، في دعم “بروكسيل”، التي صرحت أكثر من مرة، أنها “لن تترك روما وحدها فريسة هذه الأزمة”.
وكشف المشرقي، أنّ هذا الوباء جنّد كل مشاهير إيطاليا، لتبني حملة وطنية لحث الناس على عدم الخروج من بيوتهم، والالتزام بتوصيات وزارة الصحة.
في ذات السياق، انطلقت حملة تلقائية لغلق المطاعم والمقاهي من بعض التجار، لتتبناها أكبر شركة عالمية، وهي “مجموعة Armani”، التي تولت غلق سلسلة مطاعمها وفنادقها في ولاية ميلانو، وتبرعت للمستشفيات بــ 1,5 مليون أورو، وأعلن عن حملة في كل ولاية، لجمع التبرعات للمستشفيات بغاية شراء أجهزة التنفس.
ودعا رئيس رابطة جمعيات التونسيين بإيطاليا، السلطات التونسية، إلى عدم الاستهتار بهذا الفيروس، وأخذ جميع الإجراءات العاجلة، والاستفادة من التجربة الإيطالية في مقاومته.
وأعرب عن استغرابه، لاستمرار المقاهي مفتوحة، والنشاطات الثقافية متواصلة، والتجمعات بلا قيد أو شرط أو احتراز، فيما الوباء يتهدد المواطنين التونسيين، في بلد لا يملك البنية التحتية الصحية المتوفرة في إيطاليا المنكوبة بهذا الفيروس.
يذكر أنّ إيطاليا، هي إحدى الدول السبع الأقوى عالميا، وهي تقف اليوم شبه عاجزة في مواجهة هذا الوباء العالمي..