البنك العالمي يدقّ ناقوس الخطر بشأن أزمة التعلم على صعيد الشرق الأوسط والعالم
واشنطن ــ الرأي الجديد (مواقع إلكترونية)
بلوغ العاشرة هو لحظة مثيرة لمعظم الأطفال، فهم يزيدون من معرفتهم بالعالم ويوسعون أفقهم. غير أن أعدادا ضخمة من الأطفال – أكثر من نصف جميع الأطفال في سن العاشرة بالبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل – لا يمكنهم قراءة قصة بسيطة وفهمها. إنّ العالم في خضمّ أزمة تعلم تخنق الفرص، وتقتل تطلعات مئات الملايين من الأطفال..
وفي شهر أكتوبر، أصدرنا بيانات تدعم هدفًا جديدًا للتعلم: نريد خفض مستوى فقر التعلم إلى النصف على الأقل بحلول عام 2030، وهو أساس للقضاء على الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك وهو أساس كذلك لمساعدة الأطفال على تحقيق إمكاناتهم.
أرقام ومؤشرات مهمة
ولكن على مدى السنوات القليلة الماضية، لم يتحقق تقدم في الحد من فقر التعلم. فعلى مستوى العالم بين عامي 2000 و2017، لم تتحسن نتائج التعلم للأطفال في سن الدراسة الابتدائية إلا بنسبة 10%. وإذا استمرت هذه الوتيرة، فلن يتمكن 43% من الأطفال في سن العاشرة من القراءة في عام 2030.
الخبر السار هو أن الأطفال الذين سيبلغون سن العاشرة في عام 2030 سيولدون العام المقبل. فإذا عملنا بشكل عاجل، ستكون هناك فرصة لتغيير هذا الاتجاه.
تجارب مشجعة
إن الهدف الذي حددناه هو هدف طموح غير أنه قابل للتحقيق، وينبغي أن يحفز العمل نحو بلوغ الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة: ضمان التعليم الجيد للجميع.
وسيتطلب تحقيق ذلك، زيادة معدل التقدم العالمي نحو ثلاثة أضعافه، وهو ما يمكن الوصول إليه إذا استطاع كل بلد أن يضاهي أداء البلدان التي حققت أكبر تقدم بين عامي 2000 و2015.
وتظهر بلدان عديدة أن تحقيق تقدم سريع أمر ممكن. ففي كينيا، زاد برنامج القراءة الوطني الحكومي نسبة طلاب الصف الثاني الذين يستطيعون القراءة بشكل مناسب أكثر من ثلاثة أمثالها. تحقق ذلك من خلال تدريب المعلمين بدعم تكنولوجي، وأدلة المعلمين، وتقديم كتاب واحد لكل طفل.
وفي فيتنام، يضمن منهج دراسي فعال يخلو من الحشو، تغطية الأساسيات، والتعلم العميق للمهارات الأساسية، ويتيح لجميع الأطفال مواد للقراءة. وحقق الطلاب الفيتناميون في مستوى الأربعين في المائة الأدنى على سلم الدخل، نتائج تعلم معادلة لنتائج الطالب المتوسط في البلدان المرتفعة الدخل أو أعلى منها.
وفي بعض البلدان، ما يزال الوصول إلى المدرسة، يمثل مشكلة كبيرة.. ففي عام 2018 كان 258 مليون شاب غير مقيد بالدراسة على مستوى العالم. وفي بلدان أخرى، يوجد أطفال في الفصول الدراسية، بيد أنهم لا يتعلمون. لكن من خلال تحديد هدف عالمي، يمكن للبنك الدولي العمل مع مختلف البلدان، لتحديد أهداف التعلم الوطنية الخاصة بها. إن الحد من فقر التعلم إلى النصف بحلول عام 2030، ليس سوى هدف وسيط، لكن طموحنا هو العمل مع الحكومات وشركاء التنمية لرفع هذه النسبة إلى الصفر.
اتجاهات البنك الدولي
وتتجه نيّة البنك العالمي، بوصفه أكبر ممول للتعليم في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، مع البلدان المعنية لتعزيز إتقان القراءة في المدارس الابتدائية. وتشمل السياسات في هذا الصدد توفير إرشادات مفصلة وتقديم تدريب عملي للمعلمين، وضمان الحصول على نصوص أكثر ملائمةً لعمر الطلاب، وتعليم الأطفال باللغة التي يستخدمونها في المنزل.
وتساند أي أجندة طموحة للقياس والبحث هذه الجهود، وهي تشمل قياس مخرجات التعلم ومحفزاته، واستمرار البحث والابتكار، والاستخدام الذكي للتقنيات الجديدة حول كيفية بناء المهارات الأساسية.
ويشير البنك العالمي، إلى أنّ أزمة التعليم، لا تهدر إمكانات الأطفال فحسب، بل تلحق الضرر بالاقتصاديات بأكملها. وسيؤثر ذلك سلبًا على القوى العاملة المستقبلية والقدرة التنافسية الاقتصادية – كما يوضح مؤشر رأس المال البشري للبنك الدولي، فعلى الصعيد العالمي، من المتوقع أن تشكل إنتاجية الطفل المتوسط المولد اليوم 56% فقط مما سيكون عليه الحال لو كانت البلدان استثمرت ما يكفي في الصحة والتعليم.
المصدر: موقع البنك العالمي