اعتقال تعسفي وتعذيب وقيود “فظيعة”: البرلمان الأوروبي يدين ممارسات الصين بحقّ مسلمي “الإيغور”
بروكسل ــ الرأي الجديد / غيث حدادين
وافق البرلمان الأوروبي، على قرار يدين الاعتقال الجماعي للإيغور في منطقة “شينجيانغ” ذات الحكم الذاتي، شمال غربي الصين، مكرراً دعوته السماح للصحفيين والمراقبين الدوليين، بالوصول إلى المنطقة من دون قيود، داعياً بكين إلى غلق معسكرات الاعتقال على الفور.
وطالب البرلمان، في قرار حاز غالبية الأصوات بالإنهاء الفوري لإجراءات الاحتجاز التعسفي التي ترتكبها السلطات الصينية للمسلمي الإيغور، في اقليم شينجيانغ بعيداً عن اجراءات المحاكمة العادلة.
كما طالب القرار، الحكومة الصينية بالإفراج عن المحتجزين من هذه الطائفة وغيرهم فوراً.
وأدان ارسال مئات الألوف من الإيغوريين والأقليات الكازاخستانية إلى “معسكرات إعادة التثقيف” السياسية.
وحضّ الاتحاد الأوروبي، على تبنّي فرض عقوبات على الصين والمسؤولين الصينيين عن أعمال القمع لحقوق الإنسان في “شينجيانغ”، مشيراً إلى معلومات مؤكدة عن أن آلاف المسلمين تعرّضوا للاعتقال التعسفي والتعذيب وفرض القيود الفظيعة على الممارسات الدينية.
وطالب القرار أيضاً، السلطات الصينية بمنح الصحفيين والمراقبين الدوليين حرية الوصول إلى “شينجيانغ”، للوقوف عن كثب على حقيقة الأوضاع في الإقليم.
ودعا الاتحاد الأوروبي، إلى إثارة قضية انتهاك حقوق الإنسان في الصين في كل حوار سياسي وحقوق إنسان مع السلطات الصينية.
وتمت الموافقة على القرار بعد يوم من تقديم البرلمان لجائزة “ساخاروف” لعام 2019 – وهي أعلى جائزة في مجال حقوق الإنسان – لإبنة عالم الإيغور المعتقل إلهام توهتي بسبب “القتال من أجل حقوق أقلية الإيغور في الصين”، حيث يُعتقد أن السلطات اعتقلت حوالي 1.8 مليون من الإيغور وأقليات مسلمة أخرى متهمة باعتناق “آراء دينية متشددة” وأفكار “غير صحيحة سياسياً” في شبكة واسعة من معسكرات الاعتقال منذ أفريل / نيسان 2017.
كما يطالب القرار، السلطات الصينية “بالسماح بوصول حر ودون عوائق لأعضاء وسائل الإعلام والمراقبين الدوليين إلى اقليم “شينجيانغ”، بما في ذلك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان”، مضيفاً أن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء “يجب أن يأخذوا المبادرة خلال مجلس حقوق الإنسان القادم للأمم المتحدة لإنشاء بعثة لتقصي الحقائق في شينجيانغ”.
في حين أن بكين نفت في البداية وجود المعسكرات، غيرت الصين هذا العام مسارها وبدأت تصف المرافق بأنها “مدارس داخلية توفر التدريب المهني للإيغور، ومكافحة التطرف، وتساعد على حماية البلاد من الإرهاب.”
ومع ذلك، أوضحت تقارير صادرة عن “الإيغور سيرفيس” وغيرها من المؤسسات الإعلامية، أن المحتجزين في المعسكرات محتجزون ضدّ إرادتهم ويتعرّضون للتلقين السياسي، ويواجهون بشكل روتيني معاملة قاسية على أيدي المشرفين عليهم، ويتحملون سوء التغذية والظروف غير الصحية في المرافق المكتظة في كثير من الأحيان.
وتشمل النقاط الأخرى المدرجة في القرار، دعوة البرلمان للصين للإفراج الفوري وغير المشروط عن “توهتي” ونشطاء حقوقيين آخرين ونشطاء ومحامين وصحفيين وملتمسين قالوا إنهم احتُجزوا لمجرد تعبيرهم السلمي عن حريتهم في التعبير، ولضمان أن لا تتعرض أسرهم ومحاموهم للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة.
وحُكم على “توهتي”، أستاذ الاقتصاد السابق بالجامعة المركزية للقوميات في بكين، بالسجن مدى الحياة بتهمة “الانفصالية” من قبل محكمة الشعب المتوسطة في أورومتشي في شينجيانغ في 23 أيلول (سبتمبر) 2014، على رغم أنه عمل لأكثر من عقدين من الزمن لتعزيز الحوار والتفاهم بين الإيغور وقومية الهان الصينية.
كما أعرب القرار عن قلقه إزاء مضايقة الإيغور في الخارج من قبل السلطات الصينية، لإجبارهم على التصرّف كمخبرين ضد الإيغور الآخرين، أو العودة إلى “شينجيانغ”، أو الصمت حيال الوضع هناك، وأحياناً عن طريق احتجاز أفراد عائلاتهم في الوطن.
وأدان تكثيف استراتيجيات الرقابة في المنطقة مدعومة بأساليب المراقبة التكنولوجية، وكذلك تقارير عن احتمال استخدام السخرة من معسكرات الاعتقال في سلسلة التوريد للشركات الدولية، وحضّ الحكومة الصينية على نشر قائمة على الفور جميع المحتجزين، الذين أطلق سراحهم، والذين اختفوا.
ويدعو القرار البرلمان الأوروبي، “إلى تبني عقوبات مستهدفة وتجميد الأصول، في حالة اعتبارها مناسبة وفعالة، ضدّ المسؤولين الصينيين المسؤولين عن وضع وتنفيذ سياسة الاعتقال الجماعي للإيغور وغيرهم من المسلمين الأتراك في “شينجيانغ”.
وهذه هي المرة الثالثة، في أكثر من عام بقليل، حيث تناول البرلمان الوضع في “شينجيانغ” بقرار.
إلى ذلك، رحب “المؤتمر الإيغوري العالمي” ومقره “ميونيخ” بالقرار، الذي قال “إنه يدلّ على عزم الاتحاد الأوروبي، لاتخاذ إجراءات ذات مغزى لوقف الجرائم الصينية ضدّ الإنسانية ضد الإيغور”.
وقال “المؤتمر” في بيان له، إن إصدار القرار ومنح جائزة ساخاروف يوم الأربعاء لتوهتي “يرسل رسالة واضحة إلى الحكومة الصينية بأن الاتحاد الأوروبي مستعد لاتخاذ خطوات ملموسة لإغلاق معسكرات الاعتقال ووقف اضطهاد الإيغور ومجموعات عرقية أخرى في تركستان الشرقية، “باستخدام اسم يفضله العديد من الإيغور للإشارة إلى وطنهم التاريخي.”
وصرح رئيس “المؤتمر الإيغوري” دولكان عيسى، بأن القرار يظهر أن البرلمان الأوروبي “لن يقف مكتوف الأيدي لأن الصين ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان في شينجيانغ”.
وقال: “الآن يشعر شعب الإيغور بأنه ليس وحده، وأن لديه المزيد من الأصدقاء والمؤيدين في العالم”.