عبد الكريم الهاروني لوكالة “لأناضول”: لن نلجأ للانتخابات المبكرة.. وهذا مصير الغنوشي..
تونس ــ الرٍأي الجديد (وكالات)
قال عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس شورى “حركة النهضة” أن حزبه ” حريص على مشاركة التيار الديمقراطي وحركة الشعب في حكومة الجملي”.
وأشار في مقابلة مع وكالة أنباء “الأناضول”، إلى أن النهضة “تنازلت وعلى الأطراف الأخرى أن تتنازل للوصول إلى أرضية مشتركة، خاصة وأنّ الاختلاف هو حول حقائب وزارية، وليس حول البرنامج”.
وشدد الهاروني على أن النهضة ملتزمة “سياسيًا وأخلاقيًا بعدم التحالف مع حزب قلب تونس، وفي نفس الوقت النهضة حريصة على البحث عن دعم للحكومة”، مبينا أن “تشكيل الحكومة مهمة صعبة، بسبب القانون الانتخابي وتشتت البرلمان”..
وأكد رئيس مجلس الشورى، على أن الحكومة ستمر ولن تُجرى انتخابات مبكرة، مشيرا إلى ذلك “ليس في صالح تونس”، وفق تعبيره.
وبين الهاروني أن النهضة “حريصة على علاقة جيدة مع الرئيس قيس سعيد.. وبقاء مصير قانون الانتخاب مجهولًا لا يُقبل في دولة يحكمها دستور”.
وأعرب رئيس مجلس شورى حركة النهضة التونسية (54 نائبًا من أصل 217)، عن أمله بإقناع القوى المحسوبة على الثورة، بالمشاركة في الحكومة المكلف بتشكيلها الخبير الزراعي الحبيب الجملي، منذ منتصف نوفمبر الماضي.
وقال الهاروني، في مقابلة مع “الأناضول”: “نحن كحزب سعينا لتوسيع المشاركة لتكون الحكومة معبرة عن الخط الثوري، وتجعل من محاربة الفساد أولوية لها، ولا زلنا غير يائسين من الوصول إلى أرضية مشتركة، ولنا أمل في إقناع هذه القوى المحسوبة على الثورة بالمشاركة في الحكم، فالمشاركة في الحكم أفضل للثورة، وأفضل للحرب على الفساد من البقاء في المعارضة”، حسب تقديره..
غير أنّ الهاروني، عبّر عن أسفه من أن التفاعل (من جانب تلك القوى) لم يكن في المستوى المطلوب لتقدم المشاورات.
وفيما يلي مقتطفات من الحوار..
فقد أوضح رئيس مجلس شورى حركة النهضة، أن حزبه، قام بتنازل (لم تقدم رئيس حكومة منها)، ونرجو أن تقدم الأطراف الأخرى تنازلات (..) للوصول إلى أرضية مشتركة، خاصة إذا كان الاختلاف حول حقائب وزارية وليس حول البرنامج أو طبيعة الحكومة ونزاهة الأطراف التي في الحكومة.
وزاد بأنه على كل الأطراف السياسية المعنية بتشكيل الحكومة أن تكون في مستوى المسؤولية التي ينتظرها الشعب، ولا تفوت الفرصة على تونس؛ فتونس بحاجة إلى العمل والقرارات والإنجاز بمشاركة القوى الصادقة الوطنية.
وشدد الهاروني على أنه لا يجب أن يُفهَم من هذا أنه إذا لم تشارك بعض الأطراف فسيتوقف تشكيل الحكومة.. ولا نقبل كذلك سعي الأطراف (لم يسميها) إلى إفشال دخول أطراف محسوبة على الثورة للحكومة، ليقال في الآخر أن النهضة تحالفت مع قلب تونس.
وتابع: النهضة لها التزام سياسي وأخلاقي في الحملة الانتخابية بعدم التحالف مع قلب تونس، وهي على هذا العهد، وفي نفس الوقت النهضة حريصة على البحث عن دعم للحكومة.
ومضى قائلًا: لنا برلمان، وهناك كتل، ونحن نحترم كل النواب وكل الكتل، ونرحب بأي دعم للحكومة؛ فنجاح الحكومة نجاح لتونس.
الانتخابات المبكرة غير واردة
وأقر الهاروني بأن تشكيل الحكومة مهمة صعبة في ظل القانون الانتخابي الذي لا يعطي لحزب واحد إمكانية تكوين الحكومة، وفي ضوء تشتت البرلمان، وتتطلب (العملية) وقتًا وفيه آجال دستورية.. هناك شهر يمكن تجديده بشهر ثانٍ.
ورغم ذلك بدا متفائلًا بقوله: عندي أمل كبير في أن المشاورات ستنجح وستتشكل الحكومة وستتفرغ للإنجاز واتخاذ القرارات التي ينتظرها الشعب والناخبين، وخاصة الشباب.
وعبّر عن ثقته بأن تمر الحكومة ويصادق عليها البرلمان، مستبعدًا إجراء انتخابات مبكرة؛ لأن ذلك ليس فيه مصلحة تونس.
وتابع: هذا يكلف البلاد أموالًا وصراعات ولا نعرف هل ستتم الانتخابات أم لا، خاصة وأننا في محيط إقليمي ودولي غير مستقر.
سنلتزم بمحاربة الفساد
يطالب التيار الديمقراطي بثلاث وزارات، هي الداخلية والعدل والإصلاح الإداري، لـضمان تنفيذ برنامج لمحاربة الفساد.
ما علق عليه الهاروني: نحن متفقون على أولوية الحرب على الفساد، وليس هناك اختلاف في البرنامج، وهذا مهم.. والبحث عن ضمانات يتم بصفة مشتركة، هم يوفرون ضمانات ونحن نوفّر ضمانات.
ورأى أنه لا تزال هناك إمكانية لإيجاد أرضية مشتركة (مع التيار) ونحكم مع بعض، ونجعل من الحرب على الفساد أولوية؛ لأنها أولوية البلاد.
وبشأن حركة الشعب التي ترى أن برنامج الجملي غير كافٍ، ردّ الهاروني بأنه إذا كان لحركة الشعب مقترحات، فنحن نرحب بها، لكنهم لم يقدموا مقترحات جدية في هذا الاتجاه.
ودعا الحركة إلى المساهمة في النجاح القادم، وليس في استمرار الفشل كما تتحدث عنه.
كتلة الدستوري من بقايا الاستبداد
ولمدة أسبوع، اعتصمت كتلة حزب الدستوري الحرّ (ليبرالي- 17 نائبًا) في مجلس نواب الشعب (البرلمان)؛ على خلفية مناوشات كلامية بين رئيسة الكتلة ونائبة عن النهضة.
وقلّل الهاروني من هذا الاعتصام بقوله: توقعنا مثل هذه الحوادث في البرلمان، ولا يجب أن نُفاجأَ بها كثيرًا.
وعبّر عن أسفه وألمه؛ لأن ما حصل يمسّ صورة البرلمان والتجربة الديمقراطية الناشئة بتونس.
وأضاف: نحن في مرحلة انتقالية هناك قوى ديمقراطية وقوى تدفع لتقدم الديمقراطية وترسيخ احترام الدولة والدستور، وهناك بقايا الاستبداد وبقايا مرحلة ما قبل الثورة.
وتابع: هذه مرحلة انتقالية صعبة، فبناء الديمقراطية أصعب من إسقاط الاستبداد؛ لأنه يمكن أن تُسقط نظامًا مستبدًا ويتم بناء نظام استبدادي آخر، وهذا ما حصل في كثير من الثورات بالعالم.
واعتبر ما حصل في البرلمان أزمة عابرة وراءها قوة عابرة، ولكن ما سيبقى هي الثورة والديمقراطية والقوى التي تفكر في التونسيين ومطالبهم ومصالحهم وفي وحدة الشعب التونسي واستقرار الدولة واستقلال القرار التونسي عن التدخل الأجنبي. وشدد على أن الديمقراطية ستنتصر على الفوضى.
العلاقة مع سعيّد.. جيدة
وقلّل الهاروني من تأثير ما قيل حول رفض الرئيس التونسي قيس سعيد، توقيع القانون الانتخابي المعدل، الذي لم يمضه الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي (2014 – 2019)، مؤكدًا حرص النهضة على علاقة جيدة مع الرئيس.
وأضاف أن بعض القوى ستحاول صنع أزمات بين رئاسة الجمهورية والبرلمان وبين رئاسة الجمهورية والحكومة.
وأكمل: في النهضة سنعمل على أن يتم العمل في الدولة بانسجام الرئاسات الثلاثة (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان) كل من موقعه في إطار احترام كل طرف لصلاحياته.
وتابع: إلى الآن التونسيون لا يفهمون مصير هذا القانون، فالدستور واضح إما أن يمضي عليه رئيس الجمهورية أو يُعاد إلى البرلمان أو يُعرض على الاستفتاء، أما أن يبقى مصير القانون مجهولًا، فهذا لا يُقبَلُ في دولة القانون التي يحكمها دستور، ولذلك رئيس الحركة (راشد الغنوشي) طالب بإمضاء القانون. واستطرد: قد يكون لرئيس الجمهورية موقف آخر، هذا قابل للحوار.
المؤتمر القادم.. ومصير الغنوشي
يمنع القانون الأساسي لحركة النهضة رئيسها راشد الغنوشي (رئيس البرلمان)، من البقاء في قيادتها أكثر من فترتين متتاليتين، ما يعني رحيله مع مؤتمرها العام المقبل عام 2020.
لكن يتردد أنه يمكن التمديد للغنوشي أربع سنوات إضافية، إذا اتفقت قيادات الحركة على تعديل قانونها الأساسي.
وحول مصير الغنوشي، قال الهاروني إن القانون الأساسي للحركة يحدد مسؤوليته في الرئاسة، خلال المؤتمر القادم، وهذا موضوع محسوم قانونيًا.
لكنه لم يستبعد ضمنًا إمكانية التمديد للغنوشي: بالنسبة للمؤتمر هو أعلى سلطة في الحركة، وهو سيّد نفسه ويتخذ القرارات التي فيها مصلحة تونس ومصلحة الحركة.
وختم بقوله: نحن قبل المؤتمر سنجري حوارًا يجعلنا ندخل المؤتمر ولدينا صورة واضحة حول المستقبل القيادي في الحركة وحول دور النهضة في المرحلة القادمة وفي نجاح الثورة وفي نجاح الانتقال الديمقراطي وفي نجاح الأحزاب وفي إعطاء موقع متقدم لشبابنا وللمرأة وللإطارات في هذا الحزب.”
المصدر: وكالة أنباء “اناضول”