مليون زائر لمدينة القيروان في احتفالات ذكرى مولد الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم
تونس ــ الرأي الجديد / حمدي بالناجح
شهدت مدينة القيروان التونسية، حضورا شعبيا واسعا بمناسبة الاحتفال بذكرى مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
ووفق التقديرات الرسمية، بلغ عدد الذين تنقلوا إلى محافظة القيروان، منذ يوم أمس، نحو مليون شخص، رابطوا بالساحة الأمامية لجامع عقبة بن نافع، المعلم التاريخي والديني الأكبر في تونس، وبين المساجد التاريخية الرمزية في العالم العربي والإسلامي.
وإلى جانب رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، ورئيس الحكومة، يوسف الشاهد، وعدد من الشخصيات السياسية والدينية، التي حضرت جانبا من التظاهرة الدينية والثقافية التي عرفتها باحة المسجد ومحيطه الأمامي والخلفي، سجّلت الاحتفالات، حضورا مكثفا للجزائريين والليبيين والموريتانيين، الذين توافدوا على القيروان بأعداد كبيرة، وشاركوا التونسيين احتفالاتهم السنوية بمولد خير الآنام.
وأنشدت فرق موسيقية دينية، قصائد مدحية في حبّ الرسول الأعظم، صلى الله عليه وسلم، وسط ترديد واسع من المواطنين، الذين كانت الدموع تنهمر من أعينهم، حبا لنبيّهم، وتأثرا لوفاته، وتعلقا بسيرته العطرة، وأقواله المأثورة.
وإلى جانب الترانيم الصوفية، والأناشيد المدحية لخصال الرسول الأكرم، التي تابعها الحاضرون، بانتباه وتأثر شديدين، نظمت الجهات المسئولة على الاحتفالات، مسابقات في حفظ الأحاديث النبوية، والقصائد النادرة في ذكر النبيّ محمد، وتلاوة القرآن الكريم.
وتواصلت الاحتفالات حتى ساعة متأخرة من الفجر، لتستمرّ إلى غاية مساء اليوم السبت، في ظل حراسة أمنية مشددة، تكفلت بها فرق مختصة من الأمنيين وقوات الحرس الوطني، تحسبا لأي مكروه ممكن.
وتحتفل تونس بشكل خاص ومميّز بذكرى مولد النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم، قياسا ببلدان العالم العربي.
إذ يعدّ التونسيون نوعا من “العصيدة” الخاصة، تسمى هنا “عصيدة الزقوقو”، من خلال استخدام حبات الصنوبر التي يتم طحنها، في شكل سائل معقّد، قبل تزيينها بأنواع الفواكه الجافة، ضمن لوحة عجيبة، وبنكهة، يقبل عليها التونسيون والأجانب بشراهة كبيرة.
وعلى الرغم من محدودية الإمكانات المادية لقسم واسع من التونسيين، أمام ارتفاع أسعار الفواكه الجافة، وسعر حبات الصنوبر، فإنّهم لا يفوتون الفرصة في هذه المناسبة الدينية البارزة، ويسارعون إلى اقتناء ما يلزم لإعداد هذه “العصيدة”، وإدخال البهجة على العائلة التونسية.
وإلى جانب عصيدة “الزقوقو”، تحافظ العائلات التونسية بمختلف مستويات معيشتها وإمكاناتها المادية، على ما يطلقون عليها “العصيدة العربي”، وهي طحين نوع من القمح اللين، الذي يتم طبخه في الصباح الباكر، ثم تصبّ عليه كمية قليلة من السكر وزيت الزيتون، وهي “العصيدة” التي يتردد هنا في تونس، أن الرسول الأكرم، صلى الله عليه وسلم، كان يحافظ عليها، ويقتات منها دائما، وفق بعض الروايات الشعبية والتاريخ الشفوي التونسي.
يذكر أنّ الاحتفال بمولد النبيّ محمد، من بين المناسبات الدينية القليلة في تونس، التي تسجّل أعلى نسبة استهلاك، وتنشط خلالها الحركة الاقتصادية والسياحية، وسط دعوات للحكومة، من الخبراء والأوساط الدينية، بضرورة تحويل مدينة القيروان، إلى قطب ديني، يكون مزارا للسياح والأجانب من العالم العربي والخليج وأوروبا، فيما يثير هذا المقترح، حفيظة الأوساط العلمانية، التي تتحفظ على مساع كثيرة في هذا السياق، تم الانطلاق فيها منذ أكثر من عقدين، دون جدوى.