بعد إقالة الجهيناوي و الزبيدي: هل بدأ قيس سعيّد مرحلة سياسية جديدة ؟
تونس ــ الرأي الجديد
لم يمر قرار رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بإقالة وزيري الدفاع والخارجية، دون أن يخلف موجة تساؤلات حول دوافع الإقالة التي اتخذت بالتشاور مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، وما إذا كانت إيذانا ببدء مرحلة سياسية جديدة تقطع العلاقة مع تركة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي.
وربط متابعون للشأن السياسي إقالة وزير الخارجية خميس الجهيناوي، ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، المحسوبين على المنظومة السابقة، بتناحر سياسي خفي ومعلن في الوقت ذاته مع رئيس الحكومة، بات يهدد تماسك الدولة.
واشتعلت حرب التصريحات بين الشاهد ووزير دفاعه بعد أن خاضا معركة الانتخابات الرئاسية وجها لوجه في دورها الأول، والتي وظفت فيها مرافق الدولة، بحسب مراقبين، وسط اتهامات بالخيانة والفساد بين رئيس الحكومة ووزيره لتصل إلى مرحلة القطيعة التامة.
وخرج وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي للإعلام ليعبر عن صدمته من قرار إقالته المفاجئة، موجها التهمة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، ومحملا إياه مسؤولية الإقالة والتأثير على قرارات الرئيس قيس سعيد.
كواليس الإقالة
من جانبه، تحدث وزير الخارجية السابق خميس الجهيناوي، عن كواليس إقالته، مؤكدا لوسائل إعلام محلية إبلاغه من مؤسسة الرئاسة بأنه أصبح غير مرغوب فيه لحضور اجتماعات مشتركة مع رئيس الجمهورية، آخرها اللقاء الذي جمع الأخير بوزير الخارجية الألماني هايكو ماس.
ورجح مدير الديوان الرئاسي السابق، عدنان منصر، أن تكون سلسلة الإقالات التي طالت وزارتين سياديتين مؤشرا على بداية مرحلة جديدة من السياسات الأمنية والدبلوماسية التي سيتخذها الرئيس قيس سعيد تقطع العلاقة مع الإرث السياسي السابق للسبسي.
واعتبر عدنان منصر، أن وزيري الدفاع والخارجية المقالين فرضهما سابقا الرئيس الراحل، رغم غياب الكفاءة وضعف الأداء العسكري والدبلوماسي، حسب قوله.
وانتقد منصر، ما أسماه خروج وزير الدفاع عن “واجب التحفظ” وعرض أسرار الدولة وكواليس لقاءات جمعته برئيس الجمهورية للعموم، لافتا بالمقابل أن رئيس الحكومة كان حريصا على التخلص من ألد خصومه وانتظر اللحظة المناسبة.
وكشف مصدر من رئاسة الجمهورية لإحدى الإذاعات المحلية أن إعفاء الوزيرين جاء انطلاقا من الشعور بالمسؤولية وتغليبا للمصلحة الوطنية وبعد محاولات مضنية لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر دون جدوى.
وأضاف المصدر أن التعديل الوزاري كان ضروريا حتى لا تستمر الأوضاع على ما هي عليه منذ أشهر، مع ما يمثله استمرارها من خطر على السير العادي لدواليب الدولة، بحسب تعبيره.
وفي إجراءات تبدو متناغمة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، طلب الرئيس قيس سعيد رسميا من الشاهد الإذن لمصالح الرقابة المالية بإجراء عملية تدقيق مالي شامل للمصالح الإدارية التابعة لرئاسة الجمهورية.
وفي السياق ذاته، أعلنت رئاسة الحكومة في بلاغ رسمي تكليف هيئة الرقابة بمهمات تفقدية ومالية معمقة تستهدف وزارة الخارجية، مشيرة إلى أن القرار اتخذ بعد التشاور مع رئاسة الجمهورية بهدف إضفاء مزيد من النجاعة والشفافية على تسيير هياكل الدولة.
وثمن العضو في نقابة السلك الدبلوماسي، هيثم باللطيف، قرار إعفاء وزير الخارجية خميس الجهيناوي، مؤكدا في تصريح للجزيرة نت أن هذه الإقالة كانت مطلبا ملحا من جميع أبناء وزارة الخارجية.
أداء كارثي
ووصف باللطيف الأداء الدبلوماسي للوزير المحسوب على الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي بـ “الكارثي”، مشيرا إلى وجود شبهات فساد وتعيينات بالمحاباة لسفراء من دون أي كفاءة أو تاريخ دبلوماسي.
وعبّر الدبلوماسي السابق، عن أمله في أن تكون هذه الإقالة بداية لموجة جديدة من الإصلاحات الهيكلية التي يقودها الرئيس الجديد في صلب وزارة سيادية بحجم الخارجية.
يشار إلى أن الرئيس قيس سعيد كشف رسميا عن فريق ديوانه الرئاسي، حيث جرى تعيين سفير تونس بطهران طارق بالطيب مديرا لديوان الرئيس، والدبلوماسي عبد الرؤوف بالطبيب مستشارا لدى رئيس الجمهورية.
وبحسب ما نشرته وكالة “تونس إفريقيا للأنباء”، فقد جرى أيضا تعيين الجنرال والملحق العسكري السابق في ليبيا، محمد صالح الحامدي، مستشارا للأمن القومي، والخبيرة في القانون الدستوري رشيدة النيفر مستشارة للإعلام والاتصال.
وشدد بيان الوكالة على أن اختيار أعضاء الديوان الرئاسي، جاء “وفق معايير الكفاءة والمهنية للحفاظ على حيادية مؤسسة رئاسة الجمهورية”.
المصدر : (الجزيرة)