في ورقة الحريري لتهدئة الشارع اللبناني: إلغاء مجالس وتخفيض رواتب ونفقات..
بيروت ــ الرأي الجديد (وكالات)
ذكرت مصادر إعلامية موثوقة، أن الاجتماع الوزاري المصغر الذي ترأسه رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري مع وزراء يمثلون حركة أمل وحزب الله وتيار المردة والتيار الوطني الحر، توصل إلى اتفاق أولي على الورقة الاقتصادية التي سيقدمها الحريري في اجتماع الحكومة المقرر اليوم الاثنين.
ونقل عن ذات المصادر، أن الورقة تتضمن مساهمة مالية كبيرة من المصارف، من بينها فرض ضرائب عليها وعلى شركات التأمين، وإلغاء مجالس حكومية، وتخفيض النفقات الاستثمارية، إضافة إلى تفعيل الالتزام الضريبي، ومنع التهريب عبر المعابر الشرعية، وإقفال المعابر غير الشرعية.
كما شملت ورقة الحريري الاقتصادية، اقتراحات لحل أزمة الكهرباء وإقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة وقانون حماية كاشفي الفساد، وخفض رواتب الوزراء والنواب الحاليين ما بين 40% و60%.
وقال مسئولون لبنانيون لرويترز أمس الأحد، إن حزمة القرارات الإصلاحية تشمل خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50% ومساهمة المصرف المركزي والمصارف اللبنانية بنحو خمسة آلاف مليار ليرة لبنانية (نحو 3.3 مليارات دولار).
كما تتضمن خطة لخصخصة قطاع الاتصالات وإصلاحا شاملا لقطاع الكهرباء المهترئ، وهو مطلب حاسم من المانحين الأجانب للإفراج عن 11 مليار دولار.
في سياق متصل، أعلن زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، رفضه للورقة المقدمة من سعد الحريري، وقال إن بعض الوزراء في الحكومة ومنهم جبران باسيل يجب أن يتنحوا “ولا يمكننا البقاء معهم في الحكومة”.
وأضاف جنبلاط “ندعو إلى انتخابات نيابية على قاعدة نظام انتخابي جديد”، وقال إن على حزب الله أن يتفهم غضب الشارع، وأن يوقف دعمه لجبران باسيل، “وقد جرى الإخلال بجميع توازنات اتفاق الطائف”.
مظاهرات حاشدة
تأتي هذه التطورات السياسية في وقت تضيق فيه شوارع وسط بيروت ومدن أخرى من الشمال إلى الجنوب بمئات الآلاف من الرجال والنساء والشباب الناقمين على الطبقة السياسية، التي يأخذون عليها فسادها وسوء إدارتها لأزمة اقتصادية دفعت اللبنانيين إلى تخطي انقساماتهم الطائفية والحزبية والتظاهر مجتمعين في تحرك نادر مطالبين بتحصيل حقوقهم.
وامتلأت ساحات وشوارع وسط بيروت مساء ببحر من المتظاهرين من مختلف الأعمار الذين قدموا من مناطق عدة ورددوا هتافات بصوت واحد “الشعب يريد إسقاط النظام” و”كلهن يعني كلهن”، في إشارة إلى مطالبتهم برحيل كل الطبقة السياسية.
وأخذت التحركات منحى تصاعديا منذ الخميس مع ازدياد أعداد المتظاهرين تباعا وخروجهم من مختلف المناطق إلى الشوارع، في تحرك شلّ البلد وأقفل مصارفه ومدارسه ومؤسساته كافة.
وتعد تجمعات الأحد، الأكبر من حيث الحشود منذ بدء التحرك كونه يوم عطلة. وتأتي قبيل انتهاء مهلة حددها رئيس الحكومة سعد الحريري لمكونات الحكومة من أجل التوافق على ورقة اقتصادية عكف على إعدادها في اليومين الأخيرين.
وتجمع المتظاهرون منذ ساعات الصباح في وسط بيروت، ونزل آخرون إلى الشارع في صور والنبطية وصيدا جنوباً، وطرابلس وعكار شمالا، وصولاً إلى بعلبك شرقاً، بشكل فاق كل التوقعات. وأنشدوا مرارا النشيد الوطني اللبناني والأغاني الوطنية.
وابتكر المتظاهرون شعارات لكل زعيم سياسي، وغالبيتها تتضمن كلمات بذيئة، حتى إن البعض حوّلها إلى مقطوعات موسيقية تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ولم تستثن الهتافات أي زعيم سياسي.
مؤشرات النقمة الشعبية
وفي مؤشر على حجم النقمة الشعبية، بدا لافتا خروج مظاهرات غاضبة في مناطق محسوبة على أحزاب سياسية نافذة، أحرق ومزق فيها المتظاهرون صورا لزعماء وقادة سياسيين، في مشهد غير مألوف خصوصا في معاقل حزب الله وحليفته حركة أمل.
وضاقت ساحة النور في طرابلس بالمتظاهرين الذين رفعوا علما لبنانيا بطول مئات الأمتار، ورددوا مع الفنان اللبناني مارسيل خليفة الذي حضر بينهم أغانيه الثورية الذائعة الصيت.
وفي مدينة صور (جنوب) حيث تعرض متظاهرون قبل يومين للضرب على أيدي مؤيدين لحركة أمل، خرج الناس مجددا إلى الشارع هاتفين ضد السرقة، وداعين إلى إسقاط الحكومة. وفي البحر قبالتهم، تظاهر صيادو المدينة في مراكبهم وزوارقهم رافعين العلم اللبناني وسط الأغاني الوطنية.
كما تظاهر لبنانيون في مدن عدة في الخارج بينها واشنطن وباريس تضامنا مع مواطنيهم.