هل يُفلت قتلة “خاشقجي” من العقاب؟
الرياض ــ الرأي الجديد (وكالات)
لا تزال الأنظار متّجهة نحو المملكة العربية السعودية، التي يقبع فيها المتهمون الرئيسيون بتنفيذ جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول في 2 أكتوبر الماضي.
وبعد مرور عام على الجريمة، تعود للأذهان تساؤلات مهمّة أبرزها، ماذا يعني عدم محاسبة قتلة خاشقجي حتى الآن؟ وهل مماطلة محاكمتهم تمهد لإفلاتهم من العقاب؟ وقبل ذلك كله، هل المحاكمة التي أعلنتها السعودية منذ عام حقيقية أم زائفة؟
وتعقيبا على ذلك، يقول أستاذ العلاقات الدولية ضياء عباس إن “المحاكم السعودية تدعي أن المتهمين في طور المحاكمة”، مستدركا بقوله: “لكن المتّهم الرئيسي في القضية، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان”.
ويضيف عباس، أن “التصريحات السعودية تشير إلى أن ابن سلمان مستعد للتضحية بهؤلاء، مقابل الخروج بسلام من الموضوع”، مشيرا إلى أن “تركيا لا تزال تسعى لتدويل القضية عالميا، وتشكيل محكمة دولية بهذا الخصوص”.
ويؤكد عباس أنه “لو نجحت تركيا في هذا الأمر، ربّما نصل إلى نتيجة حقيقية”، مشدّدا في الوقت ذاته على أن “المسألة ستطول أكثر”، لكن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تستغل النفط السعودي، مقابل السكوت عن ما يقوم به النظام السعودي.
ويرى أن المحاكمات التي تجري بالسعودية، “صورية فقط”، معتقدا أن “ابن سلمان يسعى بكل الوسائل للتخلّص من هذه التهمة، في ظلّ التصاقها به، لأن العملية حصلت من قبل أشخاص حكوميين وباستخدام طائرته الخاصة”.
ويوضّح عباس أنه “رغم أن الإدعاءات السعودية تقول إن الجريمة نفذت دون علم العائلة المالكة والحكومة، لكن هذا مستحيل في ظل الدلائل التي تثبت عكس ذلك”.
النظام العالمي
وحول تأثير الجريمة على الدبلوماسية الدولية، يسبتعد أستاذ العلاقات الدولية تأثيرها، قائلا: “النظام العالمي يخدم مصالح القوى العظمى أكبر من خدمته لحقوق الإنسان والعدالة الدولية”، مضيفا، أن “الجريمة لن تؤثر بالسلب على الدبلوماسية، لأنها تسير على نفس المنهج”، وفق قوله.
ويمكن القول، إن القتلة لم ينالوا عقابهم إلى الآن، ومن المتوقّع أنهم سيسلمون من العقاب الدولي، لأنه لم تشكّل محكمة دولية، لكن محاكمة النظام السعودي لهم، وعدم ذكر أي تفاصيل عن المحاكمة، وتوحي أن المتهمين سيتخلّصوا من العقاب، كما يتوقّع عباس.
ويشير عباس، إلى أن “تركيا حاولت بكل الجهود الدبلوماسية في هذا الموضوع، وأعتقد أنها استنفدت معظم أوراقها، والباقي على المجتمعات الدولية والقوى العالمية، وتركيا ليست قطب دولي وقوة عظمى، وهي دولة متوسطة الحجم على المقاييس الدولية، رغم أنها عظمى على مستوى المنطقة”.
من جانبه، يرى المختص بالشرق الأوسط محمد عويس أنه “رغم تأكيدات ابن سلمان الأخيرة بأن التحقيق سيأخذ مجراه، لكننا لم نسمع ولم نرى أي شيء حتى الآن”، مضيفا، أن “الجميع يريد معرفة ماذا حدث لجمال خاشقجي وأين أخفيت جثته”.
ويرجّح عويس،” أن “يضيع حق جمال خاشقجي”، مؤكدا أنه “لن يكون هناك محاكمة أخرى خارج السعودية، لأنه لو كانت هناك أمل بالمحاكمة، لاستعملت المعلومات التي كانت لدى السلطات التركية في محكمة دولية أو حتى في محكمة تركية”.
ويلفت عويس، إلى أن “تركيا تمتلك مدخلا قانونيا يتعلق بالجثة التي ألقيت داخل أراضيها (..)، والسعودية قالت إنه أعطيت الجثة لمتعاون تركي، وهذا الشخص ليس له حصانة دبلوماسية، وبإمكان الحكومة التركية ملاحقته، ولكن حتى الآن لا السعودية أعطت اسم المجرم الذي تخلص من الجثة، لا الأتراك استطاعوا معرفة من هو المجرم (..)، أو من الممكن أنهم يعرفون ولم يفعلوا شيء”، على حدّ قوله.
وحول جدية المحاكمة داخل السعودية، يقول المختصّ بالشرق الأوسط إنها “ليس محاكمة زائفة بقدر ما هو عدم شعور بأهمية الموقف”، موضّحا أن “كل طرف له أهمية خاصة بالمسألة (السعودية وتركيا وأصدقاء خاشقجي)”.
مصير متوقّع
وتحدّث عويس، عن مصير متوقع ينتظر قتلة خاشقجي، مبينا أنه “لو ثبت وصدر حكم على أحدهم أنه هو الذي أصدر الأمر، وآخر هو من نفذ قتل جمال خاشجقي، وخرج علينا ابنه صلاح خاشقجي، وتنازل عن الدم، وقبل الدية، فإن ذلك سيخلّص المتهمّين من العقاب، ولكن سيعيدنا كأصدقاء لجمال ومن يبحث عن الحريّة وحقوق الإنسان إلى عدم الرضى”.
ويختم عويس بقوله إننا “أمام مأزق والسياسة تلعب بدم جمال خاشقجي من جميع الأطراف”، مشيرا إلى أن دول عدّة ستمنع المتهمين المعروفين من دخول أراضيها، لكن الجريمة لن تؤثر على الدبلوماسية الدولية، رغم وجود مدخل قانوني للحكومة التركية بموضوع الجثة وليس القتل.
وشدّد على أهمية أن “تُحاكم تركيا المتعاون المحلي المتورط بالجريمة، والمسؤول عن تنكيل الجثة وعدم احترامها، لمعاقبته على فعلته”، لافتا في الوقت نفسه إلى أن “تركيا لا تستطيع معاقبة الأشخاص الذين جاؤوا بغطاء دبلوماسي مائة بالمائة”.