تمهيدا للإفراج عن القروي: مشاورات سرية بين الشاهد والقروي لترتيب المرحلة المقبلة..
تونس ــ الرأي الجديد / صالح عطية
تجري حاليا مشاورات واتصالات حثيثة، بين قيادات في حزب “تحيا تونس”، الذي يقوده رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، وحزب “قلب تونس”، بزعامة نبيل القروي، الموجود رهن الإيقاف بسبب شبهات بالتهرب الضريبي وغسيل أموال.
ووفق المعلومات التي حصلت لــ “الرأي الجديد”، اجتمع وسط الأسبوع الجاري، هشام بن أحمد، وزير النقل، ورياض المؤخر، الكاتب العام للحكومة، بقياديين في حزب “قلب تونس”، هما حاتم المليكي، رئيس حملة نبيل القروي، وعياض اللومي، أحد قياديي الحزب، لمدّة تجاوزت الساعتين، ناقش الطرفان خلالها، وضعية نبيل القروي، وأفق حلحلة المأزق الذي وضعت الحكومة نفسها فيه، من خلال الزجّ بالقروي، في السجن، بضعة أيام قبل انطلاق الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية.
ولم تتسرب معلومات كثيرة عن فحوى هذا اللقاء الذي جرى التكتّم عليه بشكل كبير، لاعتبارات سياسية، غير أنّ مصادرنا، أشارت إلى أنّ “مبعوثي الشاهد”، حاولوا البحث عن توافقات جديدة مع حزب القروي، تهم ترتيبات الحكم للمرحلة المقبلة، التي ستعقب الانتخابات الرئاسية في دورها الثاني، والتشريعية، التي تعدّ هامة ومحددة لوجهة الحكم في المرحلة القادمة.
ويحرص الشاهد منذ هزيمته في الانتخابات الرئاسية، وصعود القروي، وبخاصة قيس سعيّد إلى الدور الثاني، على تجميع ما يعرف بــ “العائلة الوسطية الحداثية”، من أجل قطع الطريق أمام أستاذ القانون الدستوري، قيس سعيّد، الذي لا يبدو أنّ ثمّة التقاء بينه وبين المنظومة السياسية القائمة حاليا، ويرى فريق الشاهد، أنّ “من الصعب أن توجد معه أرضية تفاهم”، وفق أحد المصادر القيادية في الحزب، الذي فضّل عدم ذكر هويته.
ومنذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية، تبدو المنظومة السياسية الحاكمة، وجزء من أحزاب المعارضة، في حرج كبير من بروز قوى صاعدة جديدة ــ قديمة، كانت ظهرت خلال فترة 2011 ــ 2013، ثم غابت مع مخرجات انتخابات العام 2014، وما رافقها من “توافقات” بين رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، والرئيس الراحل، الباجي قايد السبسي، المؤسس لحركة “نداء تونس”.
وتعتبر المنظومة السياسية القائمة حاليا، أنّ البلاد تتهددها مخاطر صعود “تيار الثورة” من جديد، وطرحه لعديد الأفكار التي تهدد الاتفاقيات التي تربط تونس بفرنسا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرها، وهو ما تروّج له المنظومة منذ أكثر من أسبوع، في مسعى لتخويف الناخبين من المرشح للجولة الثانية، قيس سعيّد، ومحاولة وضعه “في الزاوية”، إعلاميا وسياسيا وشعبيا.
وتأتي المشاورات، أو على الأقل الاتصالات بين “فريق الشاهد”، وقيادات حزب القروي، في وقت تتردد معلومات عن وضع القروي تحت الإقامة الجبرية، بعد أن أخرج من السجن المدني بالمرناقية، من أجل تسهيل التواصل والتفاوض معه بأريحية، وبعيدا عن الأنظار، وفق بعض المعلومات المؤكدة.
ولا تستبعد مصادرنا، أن يتمّ الإفراج عن نبيل القروي في غضون الأيام القليلة المقبلة، وهو ما تفسّره كذلك، الدعوات من هيئة الانتخابات والـ “هايكا”، بالسماح لرئيس حزب “قلب تونس”، بالقيام بحملته الانتخابية، بمساندة من أحزاب عديدة، بينها “تحيا تونس”، و”نداء تونس” و”مشروع تونس” و”الأمل” و”الحزب الحرّ الدستوري”، و”آفاق تونس”، وغيره من الأحزاب القريبة من هذه العائلة السياسية والفكرية.
وعلمت “الرأي الجديد”، من جهة أخرى، أنّ الطرفين، قد يكونا اتفقا على التهدئة الإعلامية في المنابر التلفزيونية، ووضع حدّ للحملات المتبادلة، بغاية إعطاء الفرصة للمفاوضات كي تعطي أكلها، ويتمّ الدخول للانتخابات التشريعية، بشكل موحّد، لمواجهة اي محاولة لصعود “التيار الثوري” إلى البرلمان بالأغلبية، خصوصا بعد أن أعلنت حركة النهضة، على لسان بعض قيادييها، أنّها ستساند السيد قيس سعيّد، في الجولة الثانية من الاستحقاق الرئاسي.
يذكر أنّ الرئيس، محمد الناصر، كان استدعى خلال الأيام القليلة الماضية، فريقا قانونيا بزعامة وزير العدل، في سياق بحثه عن مخرج لأزمة وجود القروي في السجن.
وكانت دول ومؤسسات دولية عديدة، انتقدت استمرار حبس نبيل القروي في السجن، فيما الرجل مرشحا للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية. ومن بين هذه الأطراف، الاتحاد الأوروبي، والبرلمان الأوروبي، والولايات المتحدة الأميركية، والبرلمان الفرنسي وعدد من المنظمات الحقوقية العربية والأوروبية.