الحبيب بوعجيلة لــ “الرأي الجديد”: ترشيح النهضة لمورو جاء نتيجة لإكراهات … والمرشحون الثوريون أول المتضررين من هذه الخطوة
تونس ــ الرأي الجديد / حمدي بالناجح
اعتبر المحلل السياسي، الحبيب بوعجيلة، أن قرار حركة النهضة ترشيح مورو للانتخابات الرئاسية، كان نتيجة لجملة من الإكراهات التي دفعتها لاتخاذ هذا الخيار.
وأوضح بوعجيلة، في تصريح مطوّل لــ “الرأي الجديد”، أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، كان يبحث عن مرشح توافقي له الشخصية الجامعة بين الفرقاء السياسيين التي تستطيع أن تستكمل تجربة التوافق السياسي، من خارج الحركة، وهو ما عكسته مقولة “العصفور النادر” التي تحدّث عنها سابقا.
وتابع “لكن وفاة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، أوقفت مفاوضات كان سينتج عنها ترتيب المشهد على قاعدة التوافق بين حركة النهضة والمنظومة، التي سعى قايد السبسي إلى تجميعها، وتوحيدها، ليكون المرشح الذي ستدعمه النهضة من داخل المنظومة التي حكمت منذ 2014″، مضيفا، “إلا أن الانشقاقات داخلها والتي دفعتها لترشيح شخصيات مختلفة للانتخابات الرئاسية، دون إجماع حول مرشح واحد، دفع بحركة النهضة للترشح بشخصية من داخلها”.
توحيد النهضة من الداخل
وتتعلق أسباب ذلك، وفق المتحدث، بتخوّف النهضة من غيابها عن الانتخابات الرئاسية، وهو ما من شأنه أن يؤثر في حظوظها للانتخابات التشريعية، يضاف إلى ذلك، ما تعيشه الحركة من تهديد بالانقسام والانشطار في جسمها الانتخابي، لذلك فإنّ ترشيح عبد الفتاح مورو، من شأنه أن يدفع هذه القواعد إلى الاجتماع مجددا، وتوحيدها حول القيادة السياسية للحزب، وفق تعبيره.
وبين الحبيب بوعجيلة، أن حركة النهضة لم يكن لديها خيار آخر مع تعدد الترشحات، وانشطار منظومة 2014، بالإضافة إلى أنّ هذه الخطوة ستتجاوز “الخطوط الحمراء”، سيما المتعلقة بالمواقف الدولية من الإسلام السياسي، والعودة إلى الاستقطاب الثنائي الذي عايشته تونس في السنوات الماضية، حول دور الإسلام السياسي، وقدرته على التأقلم مع النظام السياسي والدولة.
وكان مجلس شورى حركة النهضة، صوّت لصالح ترشيح عبد الفتّاح مورو، للانتخابات الرئاسية، كمرشح لحركة النهضة، بأغلبية 98 صوتا مقابل صوتين متحفظين، في مجلس حضره 100 عضو من مجموع 150 عضوا يمثلون عضوية المجلس.
وشدد بوعجيلة، على أن هذا الخيار له تداعيات على أغلب الفاعلين السياسيين، إذ أن أوّل المتضررين، هم المرشحون عن “الصف الثوري”، على غرار رئيس “حراك تونس الإرادة”، منصف المرزوقي، والقيادي السابق بالنهضة حمادي الجبالي، وبدرجة أقل مرشح التيار الديمقراطي محمد عبو، باعتبار أن هؤلاء يراهنون بشكل أو بآخر على القاعدة الانتخابية لحركة النهضة، وهي القاعدة التي استطاعت الترفيع في نسبة التصويت للمرشح منصف المرزوقي في انتخابات 2014، كما أن حركة النهضة متمسكة في هذه الانتخابات بقاعدتها الانتخابية التي ستذهب حتما لمرشحها في الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية أيضا.
ثاني المتضررين من هذا الخيار، هو رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الذي كان يراهن على بعض أصوات حركة النهضة، خاصة عندما كانت تتجه لترشيح شخصية من الخارج، كما أنه ضيّع فرصة تجميع المنظومة الحاكمة منذ 2014، والتي تشتتت أصواتها، بعد انقسام نداء تونس، كما قد يتضرر لهذه الأسباب مرشح أحزاب نداء تونس وآفاق تونس، وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، الذي عبرت قيادات سياسية من النهضة في وقت سابق عن رضاها بترشيح الزبيدي، على غرار لطفي زيتون، وهو الأمر الذي كان يمكن أن يجعل للزبيدي أملا في الحصول على أصوات النهضة، وينجح بفارق مريح لبلوغ الدور الثاني بفضل ذلك.
عودة للاستقطاب الثنائي
وشدّد المحلل السياسي، على أن الانعكاس السلبي الآخر في قرار حركة النهضة، يتمثل في العودة إلى الاستقطاب السياسي والإيديولوجي، بين الفاعلين خاصة عند المرور إلى الدور الثاني.
وبيّن بأن “المشكل الأساسي اليوم هو من سيكون الأوفر حظوظا في منافسة عبد الفتاح مورو”، متسائلا “هل سيكون مرشحا من داخل منظومة الحكم سنة 2014، أم أنه سيكون شخصية مفاجئة من خارجها على غرار المرشح نبيل القروي ؟”.
وحول توقعاته لمآلات هذا القرار، قال الحبيب بوعجيلة، إن النهضة تسعى أساسا إلى أن تحقق نتائج جيدة في الانتخابات التشريعية، ولا يمكن أن تدرك ذلك إلا بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية، لافتا إلى أنها لا تطمح إلى التغوّل في الرئاسات الثلاث، كما أنها لم تعد تطرح أمامها مسألة الخطوط الحمراء، في علاقة بممارستها للسلطة الفعلية.
وتابع “النهضة لا تريد أن تكون في قرطاج وربما لا تفكّر في القصبة، ولكنها قد تكتفي بالبرلمان، ولذلك سعت من خلال ترشيح راشد الغنوشي للانتخابات التشريعية، لتوجيه رسالة مفادها أنها قادرة على التطبيع مع الدولة، ومؤسساتها، بالإضافة إلى وجود مطامح للغنوشي في إنهاء مسيرته السياسية في ممارسة السلطة، خاصة وأنه قد لا يكون رئيسا للحزب في المؤتمر المقبل”، وفق تقديره.