الانتخابات الأوربية: مخاوف من صعود الأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة
باريس ــ الرأي الجديد
بين الخشية من التفكك وسيطرة اليمين الشعبوي على مفاصل البرلمان الأوروبي المرتقب، ينافس أصحاب الرؤى الوحدوية الداعمة لسياسة الانفتاح الأوروبي خصومهم المتشددين.
وتدخل ثلاث دول جديدة سباق الانتخابات الأوروبية اليوم السبت 25 ماي 2019، تليها 21 دولة أخرى الأحد، لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي الجديد، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم جديد للأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة.
والرهانات السياسية من وراء هذا الانتخابات كثيرة لمعرفة ما سيكون عليه حجم هذا التقدم وأثره على توازن القوى في البرلمان الأوروبي، وما ستكون تداعياته على السباق لتولي المناصب الأساسية في أعلى هرم مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
لكن هناك تخوف مجددا من نسبة امتناع عالية في صفوف الناخبين البالغ عددهم 427 مليون شخص، وقد تراجع اهتمام الأوروبيين بهذه الانتخابات على مر العقود في حين أن النواب الأوروبيين زادوا إلى حد كبير من صلاحياتهم.
وبعد البريطانيين والهولنديين الخميس، والتشيكيين (الذين صوتوا على مدى يومين) والايرلنديين يوم الجمعة، جاء دور لاتفيا ومالطا وسلوفاكيا للتصويت اليوم السبت.
وفي الدول الـ 21 الأخرى في الاتحاد الأوروبي وبينها فرنسا وإيطاليا وألمانيا، سيجري التصويت الأحد.
وفي بريطانيا حيث نظمت هذه الانتخابات على عجل بعد إرجاء موعد بريكست إلى نهاية أكتوبر القادم، طغت الأزمة داخل حكومة المحافظين على مسار الاقتراع، حيث قدمت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي استقالتها أمس، والتي ستصبح سارية في 7 جوان المقبل بعدما عبرت عن أسفها لأنها لم تتمكن من إنجاز اتفاق خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي.
مفاجأة هولندا
وفي هولندا، حقق التصويت أول مفاجأة حيث أشارت التقديرات إلى تقدم حزب العماليين برئاسة فرانس تيمرمانس المرشح لخلافة جان كلود يونكر، على رأس المفوضية الأوروبية على الليبراليين والشعبويين، الذين كان من المتوقع فوزهم في الانتخابات.
وفي إيرلندا أشارت استطلاعات الرأي أيضا مساء الجمعة إلى تقدم حزب رئيس الوزراء ليو فارادكار المؤيد لأوروبا.
وعلى المستوى الأوروبي بشكل شامل، فإن استطلاعات الرأي رجحت أن تحقق كل القوى المشككة بأوروبا والشعبوية والقومية، تقدما كبيرا داخل البرلمان الأوروبي، حيث يتولى 751 نائبا مقاعدهم لخمس سنوات ويلعبون دورا حاسما في صياغة القوانين الأوروبية.
ويمكن أن يفوز حزب الرابطة بزعامة وزير الداخلية ماتيو سالفيني، الذي ركز خطابه على معاداة الهجرة والمؤسسات الأوروبية، بعدد كبير من المقاعد.
أما زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن وحزبها التجمع الوطني، فإنها تتصدر نوايا التصويت في فرنسا متقدمة على اللائحة المدعومة من الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي يطمح للعب دور محوري داخل البرلمان الأوروبي الجديد.
والكتلة المشتركة حاليا بين حزب الرابطة والتجمع الوطني، تعد حاليا 36 نائبا ويرتقب أن تخرج في موقع أقوى من الانتخابات مع أكثر من 60 نائبا بحسب استطلاعات الرأي.
ويرتقب أن يحقق تكتل الشعوبيين، حركة النجوم الخمس الإيطالية والذي سينضم إليه الحزب الجديد البريطاني المناهض لأوروبا بزعامة نايجل فاراج، تقدما أيضا.
مخاطر “تفكك”
عبّر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أمس، عن قلقه على أوروبا مشيرا إلى أنها “مهددة بالتفكك والخروج من التاريخ”.
لكن القوى المشككة بأوروبا والمناهضة للاتحاد الأوروبي بعيدة عن التمكن من تأمين غالبية في البرلمان الأوروبي.
ويصطدم تحالفها بشكل خاص بخلافات عميقة مثل الموقف الواجب اعتماده تجاه روسيا على سبيل المثال.
وبحسب استطلاعات الرأي فإن الانتخابات يفترض أن تشهد نهاية التعاون بين المسيحيين الديمقراطيين والاشتراكيين الديمقراطيين الذين يهيمنون على البرلمان الأوروبي منذ 1979.
ومن غير المرتقب بعد الآن أن يحصلا معا على غالبية المقاعد، ويأمل الليبراليون أن يصبحوا القوة الثالثة في البرلمان وخصوصا بفضل تحالف مع النواب الجدد الموالين لماكرون.
ولعبة إعادة تشكيل التحالفات في البرلمان الأوروبي، حيث يأمل الخضر أيضا بتحقيق تقدم، ستكون حاسمة في السباق إلى المناصب العليا في المؤسسات الأوروبية، وخصوصا اختيار رئيس جديد للمفوضية الأوروبية خلفا لجان كلود يونكر.
وذكر الناطق باسم البرلمان الأوروبي أنه لا يمكن لأي شخص أن يصبح رئيسا للمفوضية الأوروبية بدون الحصول على دعم 376 نائبا على الأقل من أصل 751 نائبا أوروبيا.
المصدر : عربي 21