ردود فعل سياسية ومدنية ضدّ قطع البث على قناة “نسمة” .. أحزاب ومنظمات تدين
تونس ــ الرأي الجديد / حمدي الناجح
شهد قرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، بغلق قناة “نسمة”، بالقوّة العامة، ردود فعل سياسية ومدنية رافضة للاعتداء على حرية الصحافة، واستهداف قطاع الاعلام، في اتهام مباشر للحكومة التونسية بممارسة الضغط على وسائل الإعلام المعارضة لسياساتها.
منظمات المجتمع المدني تدين
دعا المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، إلى الإسراع بمناقشة قانون الإعلام السمعي البصري مع الهياكل المعنيّة بما فيه القانون الخاص بالهيئة العليا المستقلّة للإعلام السمعي البصري والتعجيل بإعادة انتخابها.
واعتبرت المنظمة الشغيلة، أنّ ”عمل الهايكا لم يكن في مجمله شفّافا ولا موضوعيّا”، مؤكدة أنّه ”اتّسم في أغلبه بالتمييز والانتقائية أو العجز أمام عديد الانتهاكات التي تأتيها بعض وسائل الإعلام دون أن تحرّك هذه الهيئة ساكنا”.
وشدد إتحاد الشغل، على ضرورة تعليق قرار الغلق، وضمان حقوق الصحفيين والعاملين بالقناة، مستغربا تصريح رئيس الهيئة العليا للاتّصال السمعي البصري، بخصوص عجزه عن غلق قناة “الزيتونة”، التي تعمل خارج الإطار القانوني، معلّلا ذلك بالسند السياسي الذي تتلقاه تلك القناة، وهو ما اعتبره الاتحاد اعترافا واضحا بما دأبت عليه “الهايكا” من سياسة “الكيل بمكيالين” في عدد من الملفّات، وفق نصّ البيان.
من جهتها، اعتبرت النقابة العامة للإعلام، أن إيقاف بث قناة “نسمة” بالقوة العامة “هو سابقة خطيرة” وأن دور الهياكل التعديلية والحكومة، لا يمكن أن يتحول إلى وسيلة لإسكات الأصوات المعارضة، في وقت يتم فيه السكوت عن تطبيق القانون مع مؤسسات إعلامية أخرى تعمل خارج إطار القانون منذ سنوات، بل ومنها من تحدى المؤسسات التعديلية علنا وفي بث مباشر، وفق بيانها.
وعبّر الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري،عن تضامنه مع قناة “نسمة”، داعيا إلى “مراجعة قرار الغلق بصفة استعجالية بما يحافظ على سلامة المناخ الديمقراطي ويضمن تنوع المشهد الإعلامي”.
وأكّد الاتحاد، “ضرورة اعتماد مبدأ الحوار الرصين والابتعاد عن الخطابات المتشنجة في معالجة هذا الملف”، حاثّا “المسؤولين عن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، والمشرفين على قناة “نسمة”، إلى الجلوس معا من أجل الخروج بحلّ توافقي”.
أحزاب سياسية متخوّفة
في مقابل قرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، عبرت أحزاب سياسية عن تخوّفها من ضرب وسائل الإعلام، ووضع يد الحكومة على استقلالية الإعلام وحياديته.
حيث علّق رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، على القرار، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي ”فيسبوك” ، ”إذا خسرنا الحرية نخسر كل شيء”، متابعا، “عندما نستبقي الحرّية في البلاد ، حتى و إن خسرنا السلطة فسنعود إليها،لذلك نحن نعتبر أنّنا على الطريق الصحيح مادامت تونس محكومة بالحرّية وليس بالاستبداد”.
وأدان حزب ”حركة تونس الى الأمام”، ما أسماها بـ”سياسة المكيالين” التي تعتمدها الحكومة والتي لن تزيد إلاّ في تعميق الاحتقان والتوتّر وضرب مسار الانتقال الدّيمقراطي، حيث تداهم قناة “نسمة” و”تحاصرها بينما تحمي قناة “الزيتونة” المسنودة من طرف حزب سياسي من مكّونات الائتلاف الحاكم”، وفق بيان للحزب.
وطالب الحزب بإرجاع بث “نسمة” فورا، والاحتكام إلى القضاء للبتّ في القضايا العالقة على اختلافها، مستنكرا الشّكل الذي اعتمدته قوات الأمن وسلطة الإشراف بتعلّة تطبيق قرار “الهايكا”.
أما حزب آفاق تونس، فقد أكد تمسكه اللامشروط بحرية التعبير والصحافة وبعلوية القانون، مذكّرا أن “الهايكا” هي هيئة وقتية قراراتها وطريقة تنفيذها تناقش.
وعبّر الحزب في ذات البيان، عن قلقه الشديد إزاء المناخ السياسي العام والانتقال الديمقراطي في ظل إعادة هيمنة الأحزاب الحاكمة، التي ترتكز على جهاز الدولة لتحقيق أهدافها السياسية، والتي هي بصدد إعادتنا إلى مربع الضغوطات والتخويف عبر تسخير الجهاز التنفيذي والتشريعي، لخدمة مصالح حزبية ضيقة، مما بات يهدد العملية الديمقراطية برمتها وبإمكانه “إن تواصل أن يمس من مصداقيتها”، وفق البيان.
انتقادات لـ “الهايكا”
وأعلنت من جهتها، الجبهة الشعبية، في بيان لها، عن إدانتها لسياسة “الكيل بمكيالين”، التي تنتهجها السلطة التنفيذية في تعاملها مع قرارات الهايكا، وذلك من خلال الحجز على معدات بث قناة “نسمة” وعدم تطبيق ذلك في حق مؤسسات إعلامية أخرى، وهو ما يعكس مشروع الاستبداد السياسي الذي يمثله رئيس الحكومة والتحالف الرجعي الداعم لها، وفق البيان.
وأكدت الجبهة الشعبية، على رفضها المبدئي لغلق أيّ مؤسسة إعلامية، مشدّدة على ضرورة تسوية الوضعيات القانونيّة والماليّة لكل المؤسسات الإعلامية، حفاظا على تنوع المشهد الإعلامي وتعدديته وعلى وظائف الصحفيين وكل العاملين في القطاع.
كما تضامن المكتب السياسي لحزب نداء تونس، في بيان حمل توقيع أمينه العام ناجي جلول، مع القناة المذكورة، ومع كل مؤسسة إعلامية أخرى قد تتعرض حاليا أو في المستقبل للغلق، معتبرا أن مثل هذه القرارات الصادرة عن “الهايكا” متسرّعة وغير “مجدية” في فرض سلطة القانون وتنظيم هذا القطاع الحساس في البناء الديمقراطي.
وفي بيان لحزب “البديل التونسي”، أكد على علوية القانون في التعاطي مع مثل هذه المسائل”، مجدّدا تمسكه غير المشروط بحرية الإعلام المضمونة بالدستور والركن الأساسي في بناء الديمقراطية”، معتبرا أن اللجوء إلى غلق مؤسسة إعلامية باستعمال القوة العامة هو “دليل على الفشل الذريع في إدارة الحكومة للشأن السياسي، ومؤشر على أن الوضع السائد اليوم على الساحة السياسية الوطنية يبعث ينذر بانزلاقات خطيرة”.