تقرير/ هكذا تحدث سياسيون وبرلمانيون لــ “الرأي الجديد” عن مبادرة رئيس الحكومة
خطاب شعبوي.. ودعاية حزبية فجّة
تونس ــ الرأي الجديد / سندس عطية وحمدي بالناجح
كيف تنظر أحزاب المعارضة إلى مقترحات رئيس الحكومة، وخطابه الأخير حول المشهد السياسي، والزيادات في الأسعار والاحتجاجات الشعبية والانتخابات المقبلة، وملف
الفساد ؟؟
“الرأي الجديد”، اتصلت بعدد من السياسيين للإدلاء برأيهم في ذلك، فكانت إجاباتهم على النحو التالي:
فاقد الشيء لا يعطيه
فقد أوضح القيادي بحزب “التيار الديمقراطي”، محمد الحامدي، أن ما قدمه رئيس الحكومة خلال كلمته التي ألقاها أمس الأول، “دعاية حزبية للحزب المحسوب عليه، ولا يمكن أن يكون خارطة طريق وطنية، كما يجري التسويق له”، حسب تعبيره.
وبيّن الحامدي، أن الاستعدادات التي قدمها يوسف الشاهد، خاصة المتعلقة بإنجاح السنة الدراسية، والموسم السياحي المقبل، والمحافظة على الأسعار خلال شهر رمضان، هي برنامج عمل يومي لإدارة المشاكل، ولا يمكن أن تكون خطة وطنية شاملة، متضمنة لإجراءات وقرارات جديدة وواقعية لحل الأزمة المتفاقمة على كل المستويات.
وأعرب الحامدي، عن خشيته من إعلان الشاهد، لحكومة تصريف أعمال، وفق ما قدمه في خطابه، ودعوة الوزراء للتفرغ إلى العمل الحزبي، المتعلق بتأسيس “تحيا تونس”، استعدادا للانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة.
وقال القيادي بالتيار الديمقراطي، أن أهم معايير الأخلاق العامة التي يجب أن تلتزم بها كل الأطراف السياسية، هي النأي بمؤسسات الدولة وهياكلها ومواردها المالية، عن التوظيف الحكومي والحزبي الضيق، لافتا إلى أن رئاسة الحكومة، توفر كل المساعدات الرمزية والمعنوية للحزب الجديد، وبالتالي، فإن “من يستغل الدولة، ويمارس الشبهات، لا يمكن أن يضع أخلاقيات للفضاء العام”، وفق تعبيره.
الشاهد يفتقر إلى شرعية المبادرة
وأكد رئيس حزب البناء الوطني، رياض الشعيبي، من جهته، أن كلمة رئيس الحكومة “لن تضيف شيئا للبلاد، وستساهم في تدهور المشهد السياسي التونسي”، معتبرا أنها تضمنت الكثير من المغالطات، على غرار القفزة الاقتصادية والمشاريع المنجزة التي تحدث عنها الشاهد، قائلا: “تونس لم تشهد خرابا ودمارا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، كما هي عليه الآن على مرّ التاريخ”، متسائلا: أين هي هذه الإنجازات التي يتحدّث عنها؟
وقال رياض الشعيبي، أن الشاهد، لم يحترم المؤسسة السياسية العاملة معه، وقام باختزال العمل الحكومي، في شخصه، عبر تضخّم الأنا لديه، قائلا: “رئيس الحكومة ألقى كلمته كاملة وهو يتحدّث عن نفسه، فلم نسمع غير كلمة (أنا)”، قبل أن يضيف: “حتّى الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، بل الرئيس السابق بن علي، كان يقول نحن، فكيف للشاهد أن يتحدّث عن نفسه فقط ؟”.
وبخصوص المبادرة التي اقترحها رئيس الحكومة، حول تشكيل ميثاق سياسي أخلاقي، أفاد رئيس حزب البناء الوطني، أن “يوسف الشاهد ليست له أي شرعية للتوجّه بمثل هذه المبادرات، وليست له صلاحيات للتحدّث عن مبادرة كهذه”، باعتبار أنه جمّد عضويته في حزب “نداء تونس”، ولم يعلن إلى حدّ هذه الساعة انضمامه لحزب “نداء تونس”، أو أي حزب آخر، وبالتالي لا يمكنه أن يتدخّل في هذه المتاهات التي لا تليق بخطاب رئيس الحكومة.
وفي ذات السياق، شدّد رياض الشعيبي، على ضرورة التنسيق داخل رئاسة الحكومة، معتبرا أن هنالك “خللا كبيرا” على مستوى مؤسسة الاتصال صلب رئاسة الحكومة”، وذلك في إشارة إلى أن الخطاب ليست له أية مناسبة، “وطنية ولا شعبية ولا سياسية”، وفق قوله، ما يعني أنّ العملية الاتصالية، لم تكن دقيقة، ولم تجر دراستها بشكل جيّد”، وفق تعبيره.
مجرد مغالطات.. و”مشروع مستبدّ”
وأفاد القيادي في الجبهة الشعبية، عمار عمروسية، أن خطاب رئيس الحكومة، أوضح أنّ الرجل بعيد عن الشأن اليومي لشعبنا، وغير مطّلع عن مشاكله، “قائلا في هذا السياق: “كأنني بالشاهد يتحدّث عن بلاد أخرى، سويسرا مثلا”، مبرزا أنّ كلمته أقرب للشعبوية والفشل، منها لمفهوم الخطاب ومعاييره الاجتماعية والسياسية”، حسب قوله.
وقال عمار عمروسية، أنه كان على رئيس الحكومة، “أن يصارح شعبه، لا أن يكذب عليه”. وأضاف “الشاهد يبني أحزابا سياسية على حساب الدولة، ويعيّن أشخاصا تلاحقهم شبهات فساد داخل مفاصل الدولة، وذلك على غرار، رياض المؤخر ومهدي بن غربية”، حسب زعمه.
ولفت عمروسية، إلى أن ما تفوّه به في كلمته، “مجرد مغالطات”، خصوصا فيما يتعلق بالاقتصاد الذي بدأ يتعافى. وقال النائب المعارض، أنّ نسب البطالة ارتفعت، والمنظومة العمومية على وشك الانهيار، والمقدرة الشرائية للمواطنين انهارت، ونسبة التضخّم والمديونية الخارجية تشهد ارتفاعا غير مسبوق، والدينار التونسي تقهقر، متسائلا في هذا السياق: “عن أي اقتصاد يتحدّث ؟”.
وأكد القيادي في الجبهة الشعبية، أن الحكومة عاجزة عن التحكم في الأسعار في الوقت الحالي، وغير قادرة على مقاومة الفساد، ملاحظا أن دول عديدة تقدمت في التصنيفات العالمية لمكافحة الفساد إلا تونس بقيت على حالها، رغم التسويق الذي يقوم به الشاهد في علاقة بمكافحة الفساد.
وقال عمار عمروسية، أن رئيس الحكومة، أطلّ علينا بصيغة “دكتاتورية واضحة”، مضيفا، “إنه مشروع استبداد جديد، لكنّه لن ينجح في ذلك”، حسب تقديره.
واعتبر عمروسية، أن يوسف الشاهد، موجود حاليا في رئاسة الحكومة بفضل وتعليمات من راشد الغنوشي لا أكثر ولا أقل، وفق تعبيره. ودعا إلى رحيل من وصفه بــ “الطاغية”، والابتعاد عن السلطة، مبرزا أن “نهايته ستكون وخيمة جدّا”، وفق تعبيره.
الميثاق الأخلاقي.. من “المضحكات المبكيات”
من جهته، قال رئيس الهيئة السياسية لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، سمير بن عمر، أن الشاهد، قدّم خطابا لا يتوفر على خارطة طريق واضحة، مثّلما ادّعى ذلك، وأشار بن عمر، إلى أن كل الأطراف الاجتماعية والسياسية في تونس، تجمع على خطورة الوضع الاقتصادي والسياسي وعمق الأزمة الحكومية، غير أن يوسف الشاهد، “استعرض نجاحات مجانبة للصواب ومغالطة للرأي العام، على غرار الوضع الصحي، الذي وصفه بالمتطور، فيما تجمع كل الأطراف المتخصصة بكونه يعيش أسوأ حالاته، حسب قوله.
وفيما يخص حديثه عن نجاح الحكومة الحالية، مقارنة بالحكومات السابقة، أوضح بن عمر، أن المدخرات من العملة الصعبة سجلت أقل مستوى خلال السنوات الأخيرة، ونفس الشيء بالنسبة للمؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالعجز في الميزان التجاري ونسبة التداين، وهو ما يؤكد أن البلاد تسير نحو الإفلاس، فأين هذه المنجزات ؟
ووصف مبادرة الشاهد المتعلقة بالتشاور مع الأحزاب السياسية حول تشكيل ميثاق أخلاق سياسي، بــ “المضحكة وغير الجدية”، مذكرا في هذا السياق، بالفيديو الذي نشر خلال نتائج الانتخابات الفارطة سنة 2014، والذي يظهره وهو ينعت الرئيس السابق، المرزوقي بنعوت سيئة، قائلا “ذاك التصرف لا يسمح له الآن بوضع هذه المواثيق لتنظيم الحياة السياسية”..
خطاب غامض.. لكن هذه إيجابياته
وقال عضو مجلس شورى حركة النهضة، عبد الحميد الجلاصي، أن كلمة رئيس الحكومة التي توجه بها للتونسيين، كان فيها نوع من الغموض حول ما يحدث في الساحة السياسية، معتبرا أن الخطاب تضمّن رسالة طمأنة للشعب التونسي، حول المقدرة الشرائية للمواطن والزيادة في الأسعار، خصوصا قبيل شهر رمضان، أكثر من أي شيء آخر.
وأفاد عبد الحميد الجلاصي، أن المطلوب في الوقت الحالي هو الإنجاز ومقاومة الاحتكار والتهريب، والتعامل مع الموضوع بصفة جديّة، مبرزا أن المواطنين غير قادرين على زيادات أخرى في الأسعار، وفق قوله.
واعتبر الجلاصي، أن المبادرة التي تحدث عنها رئيس الحكومة، حول وضع ميثاق للأخلاق السياسية، فكرة جيّدة ومفيدة “إجماليا”، مشيرا، إلى أنها ستساهم في ضبط مسالك الإعلام والقواعد التنافسية، كما أنها ستحدّ من خطاب الكراهية والعنف، وربّما تخفّف من عمليات الانتهاك لأعراض الأشخاص، حسب تعبيره.
الشاهد متشنّج.. وغياب للواقعية
واعتبر النائب عن كتلة “حراك تونس الإرادة” بالبرلمان، عماد الدايمي، أن خطاب رئيس الحكومة، خطاب انتخابي في مرحلة سياسية حساسة تتعلق باستعداد كل الأطراف لإنجاح الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة.
وأضاف الدايمي، “يوسف الشاهد ظهر في حالة تشنج غير محبذ من رئيس حكومة، وهو يريد أن ينجز ما لم ينجزه خلال فترة حكمه خلال 6 أشهر قادمة”، وفق تعبيره.
وقال النائب، إن الخطاب لم يقدم رؤية واضحة لخارطة الطريق المعروضة، كما لم يضع بدائل سياسية واقعية وإجراءات ممكنة التطبيق، متابعا “خطاب خال من الواقعية، ولم تكن فيه أي إضافة أو اعتراف بالأخطاء، والتوجه إلى الشعب التونسي بالحقيقة حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي نعيشه، وتوحيد التونسيين لإنجاح المحطة الانتخابية المقبلة، واسترجاع الثقة في المسار”.
وحول مبادرة رئيس الحكومة، بتشكيل ميثاق أخلاق سياسي، أفاد الدايمي، أن رئيس الحكومة يفتقد الشرعية لهذه الدعوة، لأن طريقة عمله على رأس الحكومة، لا توحي بوجود إرادة حقيقية لإرساء النزاهة والشفافية على العملية السياسية، وخاصة على عمل الحكومة، مشيرا بذلك، إلى توجه يوسف الشاهد، لاستغلال مؤسسات الدولة ومواردها من أجل تشكيل حزب “تحيا تونس”، الذي تمثله كتلة “الائتلاف الوطني” بالبرلمان.
كلمة صريحة وشجاعة
لكنّ القيادي في “كتلة الائتلاف الوطني”، وليد جلاّد، ذهب منحى آخر مختلف تماما عن اتجاه المسؤولين الحزبيين الذين تطرقنا إلى وجهة نظرهم.
إذ اعتبر جلاد أنّ كلمة الشاهد، تشير إلى الواقع التونسي الحالي، وغير شعبوية، مضيفا، أن الرجل، “وضع خارطة طريق واضحة للمرحلة المقبلة دون تعصّب أو تشنّج”، وفق قوله.
وأفاد وليد جلاد، أن أبرز شيء تضمّنه خطاب رئيس الحكومة، هو “الصراحة والشجاعة”، حيث أنه تحدّث بكل موضوعية، ودون حواجز، مشدّدا، على أن الإجراءات التي أعلنها ستضيف الكثير للمشهد السياسي الحالي، وستساهم في تحسّن المقدرة الشرائية للمواطن، لكنها ستستغرق بعض الوقت، حسب تقديره.
وأضاف جلاّد، أن المبادرة التي اقترحها رئيس الحكومة، بتشكيل ميثاق أخلاق سياسي، هي “مبادرة مهمّة في هذه المرحلة التي تشهد “تدنّيا” كبيرا في الأخلاق بين السياسيين من كافة الأحزاب السياسية”، وفق توصيفه.