تقاريروطنية

أزمة المؤسسة التربوية: الجميع يدعو إلى إيجاد الحلول.. ولا أحد يتقدّم بهذا الإتجاه

تونس ـ الرأي الجديد / حمدي بالناجح*

تشهد السنة الدراسية الحالية أزمة حادة بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الثانوي، المنضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل، بعد فشل الطرفين في التفاوض حول مطالب الأساتذة المتعلقة بمضاعفة المنحة الخصوصية، والتقاعد المبكر، إضافة إلى الإصلاح التربوي الجدي.

وعمّقت الجلسة الأخيرة التي جمعت الطرفين، يوم الاثنين 28 جانفي 2019، جراح الأزمة، بعد أن انتهت إلى تبادل الاتهامات بين الوزارة والجامعة النقابية، وبدأ شبح السنة البيضاء، يلوح في الأفق، ما دفع أطرافا حكومية ونقابية وسياسية، إلى اتخاذ مواقف بغاية إعادة المفاوضات بين الجانبين إلى طريقها الصحيح.

تصعيد الوزارة

وشددت سلطة الإشراف خلال جلسات التفاوض السابقة، على تحميل الأساتذة مسؤولية تدهور الأوضاع في عدد من المؤسسات التربوية، التي شهدت غياب التلاميذ عن مقاعد الدراسة، خاصة بعد إعلان الجامعة العامة للتعليم الثانوي الاعتصام المفتوح بمقر الوزارة.
وأكد وزير التربية حاتم بن سالم في هذا السياق، أمس الأربعاء 30 جانفي، خلاله حضوره في إحدى القنوات التلفزية، إنه “من المستحيل أن تكون هناك سنة بيضاء مثلما يهدد البعض”، معتبرا أن إصراره على موقفه “لا يعبر عن موقف شخصي، وإنما يمثل موقف الدولة من ضرورة حماية السنة الدراسية”، وفق تعبيره.
وقال “اليوم التلميذ يترقّب في الحكومة ويترقّب في الدولة، وسنجد الحلول، وهناك فرصة للتدارك، وأملي كبير جدّا لإنهاء الأزمة”.
من جهته، أعلن كاتب عام وزارة التّربية نور الدين بن رجب، في تصريح لــ “التلفزة الوطنية”، عن انطلاق عملية الاقتطاع من رواتب الأساتذة المضربين، بالنسبة للأعمال غير المنجزة، وأوضح أنّه يتم حاليا التثبت من خلال المنصة الرقمية، في أسماء الأساتذة الذين لم يقوموا بتنزيل أعداد الفروض على المنصة، للقيام باحتساب الراتب الشهري، والخصم على قاعدة العمل المنجز مع الأخذ بعين الاعتبار الغيابات القانونية، بحسب تعبيره.

تشديد في الموقف

لم تثن قرارات وزارة التربية، الجامعة العامة للتعليم الثانوي، عن التصعيد في دفاعها عن مطالبها.
فقد دعا الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي، مرشد إدريس أمس، في تصريح لموقع “الرأي الجديد”، من وصفهم بـ “الحكماء”، “للجلوس إلى طاولة الحوار”، وإنجاح المفاوضات بين الطرف النقابي وسلطة الإشراف، من أجل حلحلة الأزمة “والوصول إلى اتفاق يلبي مطالب الأساتذة”.
وتابع إدريس “بقدر تمسكنا بمطالبنا، نحن نبحث عن مفاوضات جدية ومسؤولة”، مشددا على أن تصعيد الوزارة عبر تهديد الكاتب العام لوزارة التربية، باقتطاع وحجب الأجور عن الأساتذة، “ستواجهه الجامعة العامة بمزيد من التصعيد والضغط”.
ودعت النقابة العامة للتعليم الثانوي، في بيان لها أمس، الأساتذة إلى عدم تسلّم المطبوعة الخاصة بالانخراط في منظومة المنصة الرقمية، وإرجاعها إلى الإدارة رفضا منهم للانخراط في هذه المنظومة.
وشددت على مواصلة الالتزام بقرار مقاطعة جميع أشكال امتحانات الثلاثي الثاني، وأي إجراء جديد قد تتخذه وزارة التربية في علاقة بامتحانات الثلاثي الأول.
وحذرت النقابة العامة، وزارة التربية، من مغبة الإقدام على اتخاذ أي إجراء قانوني ينضاف إلى خروقات الوزارة، حسب تعبيرها، ويمس من أجور المدرسات والمدرسين عقابا لهم على ممارسة حقهم النقابي، معتبرة ذلك خطوة تصعيدية متجددة، تبرهن على تمادي الوزارة في تعكير الوضع التربوي، وسعيها إلى استمرار الأزمة الراهنة..

الشاهد على الخط

وكان مجلس الوزراء المنعقد أمس، برئاسة رئيس الحكومة يوسف الشاهد، تداول في مجمل هذه التطورات، وفي الوضع التربوي بالمدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية، مستعرضا نسق تقدم المفاوضات مع الطرف النقابي.
ودعا في بيانه الختامي، إلى النأي بالمؤسسة التربوية والتلاميذ وأسرهم، عن سير المفاوضات التي ترتبط بمطالب مهنية.
وشدّد مجلس الوزراء، على “ضرورة تطبيق القانون في شأن مختلف الأعمال غير المنجزة، والتجاوزات المسجلة”، وعلى ضرورة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لإرجاع الأمور إلى نصابها الطبيعي في أسرع الآجال، و”إنجاح السنة الدراسية والامتحانات الوطنية”، وهو ما يعني ضمنيا تطبيق إجراء الاقتطاع الذي قد يصل إلى شهر من أجور أساتذة التعليم الثانوي، كما لوّحت به وزارة التربية.

المركزية النقابية في حياد؟

في مقابل الموقف الذي اتخذته الحكومة خلال اجتماع مجلسها الوزاري، ظهر المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي الشغل، في أعقاب اجتماعه مساء أمس، بموقف لا يتماثل مع تصعيد النقابة العامة للتعليم الثانوي، حيث اكتفى بيان المكتب التنفيذي، بالتعبير عن تمسّكه بإنقاذ السنة الدراسية، “اجتنابا لسنة بيضاء”، داعيا الحكومة إلى “وجوب التعجيل بحلّ مشكلة التعليم الثانوي، واستئناف التفاوض لإيجاد الحلول الضرورية”، وفق تعبير بيان الاتحاد.

ضرورة إيجاد حل

الأزمة بين نقابة أساتذة الثانوي ووزارة التربية، باتت موضوعا سياسيا بوضوح. فقد دعت حركة النهضة اليوم الخميس 31 جانفي، في بيان لها، على إثر اجتماع مكتبها التنفيذي، الطرفين الحكومي والنقابي، إلى العودة سريعا إلى المفاوضات الجديّة، من أجل التوصل إلى اتفاقيات تستجيب لمطالب المربين، ضمن إمكانيات الدولة وتوازنات المالية العمومية، وفق تعبيرها.
من جهته قال النائب عن حركة النهضة علي العريض، اليوم الخميس 31 جانفي 2019، أن المكتب التنفيذي للحركة تناول خلال اجتماعه، أزمة التعليم الثانوي وأكّد على “ضرورة إجراء الامتحانات وعودة الدروس، ورفض كل ما يمكن أن يرهن التلاميذ ودراستهم، والتسريع في المفاوضات بين النقابة العامة للتعليم الثانوي ووزارة التربية، بمساعدة الاتحاد العام التونسي للشغل”.
وعبر العريض عن رفض حركة النهضة لما وصفته بــ “تسييس ملف التعليم، واعتماد أسلوب حادّ في التعاطي معه”، داعيا إلى “التحلي بالرصانة والحكمة”، معربا عن أمله في أن تتوصّل المفاوضات إلى “حلول واقعية”، يستجاب فيها إلى ما أمكن من المطالب المشروعة وتراعى فيها إمكانات الدولة، وفق تصريحه…

* صحفي في حالة تربص

شاهد أيضا :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى